الواقعي لا موضوع للحكم الظاهري ، ومن الواضح أن الأحكام تابعة لموضوعاتها ثبوتا وانتفاء.
وبعبارة أخرى : إنّ الموضوع بالنسبة إلى الحكم في رتبة العلة بالنسبة إلى معلولها ، فكما أن المعلول تابع لعلّته ثبوتا وانتفاء ، فكذلك الحكم تابع لموضوعه ثبوتا وانتفاء ، فإذا قلنا : أكرم الرجل العالم ، فإن العالم أخذ في موضوع الحكم بوجوب الإكرام ، فإذا ثبتت العالمية للرجل وجب إكرامه وإذا انتفت انتفى وجوب الإكرام لانتفاء موضوعه وهو العالمية ، والمقام من هذا القبيل ، فالحلية الثابتة للأشياء إنما هي ثابتة لها في ظرف الشك ، فكأنما المولى قال « الشيء المشكوك حكمه الواقعي فهو حلال » فإذا انتفى الشك وعلمنا بحكم ذلك الشيء ينتفي الحكم الظاهري تبعا لانتفاء موضوعه وهو الشك ، وكذا الكلام في خبر الثقة فإنّ قوله تعالى ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (١) إثبات لحجية الخبر في ظرف الشك وعدم العلم بالحكم الواقعي ، فكأنما الشك وعدم العلم بالحكم الواقعي موضوع أو قل جزء موضوع لحجية مفاد الخبر ، وبالتالي لو كنّا نعلم بحكم واقعي في مورد وجاء خبر الثقة على خلافه أو وفقه لما كان لهذا الخبر أيّ حجية ، إذ أنّ الحجّية مجعولة له في ظرف الشك ولا شك ، في المقام بحسب الفرض.
وبما ذكرنا يتضح معنى قول المصنّف « ولو لا وجود الأحكام الواقعية لما كان هناك أحكام ظاهرية » ؛ وذلك لأنّ الأحكام الواقعية بمثابة الموضوع أو جزء الموضوع للأحكام الظاهرية ، ومن الواضح أن الأحكام
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٧