مخالفته العقوبة فهذا يعني أنّ منجزيّة المنذر به افترضت متقرّرة في رتبة سابقة ، وليس الموجب لتنجز المنذر به هو نفس الإنذار وإنّما وظيفته هي التذكير ـ وبأسلوب وعظي ـ بما ثبتت منجزيّته وموجبيّته للعقاب بمثبت آخر ليس المولى في مقام بيانه.
ومن هنا لا تكون مطلوبيّة الحذر الواقعة غاية للإنذار كاشفة عن حجيّة خبر المنذر ؛ وذلك لأنّ الإنذار لا يولّد الحجيّة لمتعلقه بل إنّ متعلّقه ثابت بحجّة أخرى. فمثلا لو ثبتت حرمة الخمر ، وأنّ شربه حرام يستوجب عقاب المولى فإنّ التذكير بالحرمة وبما يترتّب على مخالفتها من عقوبة هو معنى الإنذار.
ويمكن التمثيل أيضا بالعلم الإجمالي وبالشبهات الحكميّة قبل الفحص فإنّه قد ثبت بحكم العقل منجزيّة الحكم الواقعي في هذين الموردين ، ففي حالة التذكير بهذه المنجزيّة والترهيب من مخالفة مقتضاها يكون مثل هذا التذكير إنذارا ، ومطلوبيّة الحذر حينئذ لا تعني حجيّة خبر المنذر ؛ لأنّ الإنذار لم يولّد المنجزيّة لمتعلقه إذ أنّ الكاشف عن المنجزيّة في الموردين هو العقل ، نعم لو كان الإنذار هو المحقق للمنجزيّة لمتعلقه ومؤدّاه لأمكن تتميم الاستدلال بالآية الكريمة على حجيّة خبر المنذر ، إلاّ أن ذلك خلف ما هو المستفاد من معنى الإنذار.
الإيراد الثاني :
لو تنزّلنا وقلنا إنّ الإنذار يصدق في موارد عدم تنجّز متعلقه في رتبة سابقة بحيث يكون خبر المنذر هو المولّد للتنجيز إلاّ أنّه مع ذلك لا تثبت الحجيّة لخبر المنذر بالمعنى المبحوث ـ والتي تعني المنجزيّة في موارد مطابقة