الخبر للواقع والمعذريّة في موارد مخالفة الخبر للواقع ، إذ أن أقصى ما يثبت من حجيّة لخبر المنذر هو المنجزيّة والتي تعني نفي البراءة الشرعيّة عن التكليف المحتمل. وهذا المقدار من الحجيّة ناشيء عن أنّ إخبار المنذر بالتكليف الإلزامي يولّد احتمالا بوجود تكليف إلزامي مولوي ، وبه تتحقّق صغرى الحكم العقلي القاضي بمنجزيّة التكاليف المحتملة.
وبهذا يتنقح أنّ الحجيّة الثابتة لخبر المنذر ليس منشؤها الجعل الشرعي وإنّما هو حكم العقل بمنجزيّة التكاليف المحتملة ، وهذا ما يقتضي أنّ المنجزيّة الثابتة له معلّقة على عدم الترخيص ، نعم لو كنّا نذهب إلى جريان البراءة العقليّة في موارد التكاليف المحتملة اعتمادا على قاعدة قبح العقاب بلا بيان لأمكن تتميم الاستدلال بالآية الكريمة على حجيّة خبر المنذر ؛ إذ لو لا المنجزيّة الثابتة بالآية الكريمة لجرت البراءة العقليّة عن التكليف المحتمل المفاد بواسطة خبر المنذر.
الإيراد الثالث :
إنّنا لو تنزّلنا وقلنا إنّ الآية الكريمة تثبت حجيّة إنذار المنذر بالمعنى المبحوث إلاّ أنّ هذه الحجيّة لم تثبت لإنذار المنذر باعتباره خبرا حسيّا ـ والذي هو محل البحث ـ وإنّما تثبت الحجيّة لإنذار المنذر باعتباره خبرا حدسيّا ؛ إذ أنّ الإنذار يستوجب صياغة الخبر بأسلوب وعظي مؤثر ، وهذا ما يعني أنّ المنذر حينما يتلقى الخبر لا يلقيه كما هو بل يعرضه على فهمه وعلى المقدّمات المتناسبة مع مستوى إدراكه ثمّ يستنتج من الخبر وبضمه إلى المقدمات المدركه نتائج يصوغها بأسلوب مؤثر ، وإذا كان هذا هو معنى الإنذار فالحجيّة الثابتة له أجنبيّة عن محلّ البحث ؛ إذ أنّ المبحوث