العلم.
وبهذا تنتفي الملازمة المذكورة في تقريب الاستدلال بين حرمة الكتمان مطلقا وبين الحجيّة لخبر الواحد ؛ وذلك لأنّ قوام الملازمة المذكورة هو لزوم اللغويّة من تحريم الكتمان مطلقا لو لم نقل بلزوم القبول ، وهذه الملازمة لا تتمّ مع هذا الاحتمال إذ أنّه لا لغويّة لو كان الغرض من إطلاق حرمة الكتمان هو احتياط المولى لأغراضه وتحفّظه عليها ؛ إذ من القريب جدا أن يجعل المولى موضوع حكمه أوسع من مقدار الغرض وذلك بدافع التحفّظ على ذلك الغرض.
ومنها : قوله تعالى ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (١).
ودلالة الآية الكريمة على حجيّة خبر الثقة مستفاد من الملازمة العقلائيّة العرفيّة بين إطلاق الأمر بالسؤال ، وبين قبول الجواب وترتيب الأثر عليه ، وإلاّ فوجوب السؤال دون أن يصح التعويل على جوابه لغو لا يصدر من الحكيم. وبتعبير آخر : إنّ إطلاق إيجاب الأمر بالسؤال عند عدم العلم يقتضي عقلائيا لزوم ترتيب الأثر على جواب ذلك السؤال وإلاّ فأيّ فائدة تستوجب الأمر بالسؤال في موارد عدم ترتّب العلم من الجواب لو لا أنّ الشارع جعل الحجيّة تعبدا في حالات عدم ترتّب العلم من الجواب.
وبهذا تثبت الحجيّة لجواب العالم حتى لو لم يحصل من جوابه العلم ، ومع إلغاء خصوصيّة وقوع الخبر موقع الجواب تثبت الحجيّة لمطلق خبر
__________________
(١) سورة النحل آية ٤٣