احتمالات :
الاحتمال الأوّل : أنّ دائرة موضوع الحجيّة تختصّ بمورد تطابق الظهورين على معنى واحد كما لو كان مقتضى المدلول الوضعي يطابق ما هو مقتضى المدلول الجدّي للمتكلّم.
والصحيح هو عدم اختصاص الحجيّة بهذا المورد ، فهو وإن كان القدر المتيقّن من موضوع الحجيّة إلاّ أنّه لمّا كان منشأ ثبوت الحجيّة لهذا المورد هو الظهور التصديقي فهذا يقتضي عدم اختصاصه بالحجيّة.
وبيان ذلك : أنّ الحجيّة إنّما تثبت للظهور الكاشف عن مراد المتكلّم ؛ إذ هو المصحح للاحتجاج لا ما ينسبق إلى الذهن بسبب الأوضاع اللغويّة.
كما أنّ الذي يحكم العقل بوجوب تحصيله وامتثاله هو إرادة المولى ، ومن الواضح أن الذي يكشف عن إرادة المولى إنما هو الظهور التصديقي المستفاد من معرفة حال المتكلّم ، أمّا الظهور التصوري فليس أكثر من انقداح معان خاصة في الذهن بسبب استعمال ألفاظها الموضوعة لإفادتها.
ومن البديهي أنّ الألفاظ لا تكشف وحدها عن المراد ، نعم الدلالة الوضعيّة التصوريّة كثيرا ما تساهم في التعرّف على المراد الجدّي والظهور التصديقي إلاّ أنّ هذا إنّما يقتضي كون الدلالة التصوريّة وسيلة من وسائل الوصول إلى مرحلة الظهور في المدلول التصديقي. ومنشأ مساهمتها هو أصالة التطابق بين الدلالة التصوريّة الناشئة عن الأوضاع اللغويّة وبين الدلالة التصديقيّة والتي تعني أنّ ما يفيده المتكلّم بواسطة الألفاظ فهو يريده جدّا وواقعا. وقد أوضحنا ذلك فيما سبق.
الاحتمال الثاني : أنّ دائرة موضوع الحجيّة تتّسع لتشمل الظهور