فلا بدّ من وسيلة للتعرّف على واقع المضمون المراد من قبل الله جلّ وعلا.
والاحتمالات في المقام ثلاثة ؛ إمّا أن لا يكون هناك وسيلة للتعرّف على المضمون الواقعي. وهذا الإحتمال ساقط حتما ؛ إذ ما معنى إرجاع الشروط إلى كتاب الله جلّ وعلا إذا لم تكن وسيلة لمعرفة مقاصد القرآن الكريم.
وإمّا أن تكون هناك وسيلة اخترعها الشارع لغرض الوصول بها إلى مقاصده. وهذا الاحتمال ساقط أيضا ، إذ لو كان لبان كما اتّضح ذلك في بحث حجيّة الظهور.
والاحتمال الثالث أنّ الشارع لم يتصدّ لبيان الوسيلة التي يتوصّل بها إلى مقاصده ، وهذا ما يكشف عن قبوله للوسيلة المتعارفة عند المخاطبين بالقرآن.
ولمّا كانت الوسيلة المتعارفة عند المخاطبين بالقرآن ـ وهم العرف ـ هي العمل بما يقتضيه الظهور فهذا ما يثبت حجيّة ظواهر الكتاب.
وقد لا حظتم أنّنا استفدنا من الإطلاق المقامي لإثبات إمضاء الشارع لما عليه العرف في مقام استكشاف مقاصد الشريعة.
وقد أوضحنا المراد من الإطلاق المقامي في محلّه ، وقد طبقناه في المقام وقلنا إنّ المولى لو كانت له وسيلة أخرى غير المتّبعة عند العرف لكان ذلك يقتضي بيانها ، فعدم بيانها كاشف عن أنّ العمل بظواهر الكتاب لم يقع موضوعا للردع ، حيث إنّ الشارع وبحكم قيوميّته دائما يكون في مقام الرّدع عن كلّ ظاهرة اجتماعيّة غير مرضية عنده ، وحيث إنّه ردع عن مجموعة من الظواهر ، ولم يردع عن هذه الظاهرة رغم أنّه في مقام الردع