الحكمين يعرضان موضوعا واحدا ، فمثلا لو كان الحكم الواقعي « لأكل لحم الأرنب » هو الحليّة وكان الحكم الظاهري لأكل لحم الأرنب هو الحرمة بمقتضى خبر الثقة مثلا ، فهذا يعني اجتماع حكمين متضادين على موضوع واحد وهو أكل لحم الأرنب ، وكذلك لو كان الحكم الواقعي للعصير التمري هو الحليّة ، وكان الحكم الظاهري ـ بمقضى أصالة الحل ـ هو الحليّة أيضا ، فهذا يعني اجتماع حكمين متماثلين على موضوع واحد وهو مستحيل كما قلنا لاستحالة اجتماع المثلين.
وعلاج هذه المشكلة يتّضح بما بيّنّاه من معنى الحكم الواقعي والحكم الظاهري ، حيث قلنا هناك إنّ الحكم الظاهري إنما هو في طول الحكم الواقعي ومتأخّر عنه تأخر الحكم عن موضوعه ، فليس للحكم الظاهري وجود مع العلم بالحكم الواقعي إذ أنّ عدم العلم بالحكم الواقعي مأخوذ في موضوع الحكم الظاهري ، ومع إحراز الحكم الواقعي لا موضوع للحكم الظاهري ، وبالتالي لا وجود للحكم الظاهري ، إذ أن الأحكام كما قلنا تابعة لموضوعاتها وجودا وعدما ، أما مع عدم العلم بالحكم الواقعي ، فالحكم الظاهري موجود ومتحقق لوجود موضوعه إلاّ أنّ هذا لا يلزم منه محذور اجتماع الضدين أو المثلين ؛ وذلك لأنه وإن كان هناك حكمان قد عرضا على موضوع واحد ولكن لمّا لم يكونا من طبيعة واحدة وفي عرض واحد فلا مانع من اجتماعهما بعد أن كان أحدهما واقعيّا والآخر ظاهريّا.
ويمكن تنظير ذلك ـ للتوضيح فقط ـ بالأحكام الأوليّة والأحكام الثانوية ، فأكل الميتة مثلا حرام بالحكم الأولي ولكنّه حلال بالحكم الثانوي أي في ظرف الاضطرار ، فأكل الميتة صار معروضا لحكمين وهما الحرمة