هذه الأيام » فإنّ المؤلّف لهذه القضية أحصى أولا عدد المسلمين ونسبهم إلى عدد الكفّار ثم جعل الحكم على هذا الموضوع المحقق الوجود حين تأليف القضية.
الثالث : القضايا الحقيقية ، وهي ما كانت موضوعاتها مقدّرة الوجود بمعنى أنه لا يلزم إحراز موضوع القضية الحقيقية خارجا حين تأليف القضية بل يكفي تقديره ، وهذا لا يعني كون أفراد الموضوع بأكملها مقدّرة الوجود إذ لا مانع من كون بعض الأفراد متحققا في الخارج إذ أنّ المناط في صدق القضية الحقيقية أن المؤلّف ليس له أي نظر إلى الموضوع من حيث تحققه في الخارج أو عدم تحققه ، وإنما يفترضه افتراضا ويجعل الحكم عليه ، ومثال ذلك « الفقراء يستحقون العطف » فإنّ موضوع هذه القضية « وهو الفقراء » افترض محقق الوجود ومن ثمّ جعل عليه الحكم وهو استحقاق العطف ، وهذه القضية صادقة حتى لو لم يكن هناك أيّ فقير في الخارج ، إذ أنّ الموضوع في هذه القضية هو المقدّر الموجود ، فكلّما وجد فقير في الخارج فهو مشمول للحكم وهو استحقاق العطف.
إذا اتضح هذا فنقول : إن الأحكام الشرعية قد تجعل على نهج القضية الخارجيّة وقد تجعل على نهج القضية الحقيقية ، ومثال جعل الحكم على نهج القضية الخارجية أن يلاحظ المولى جيرانه ويشخّصهم ويحصيهم ثم يأمر عبده بإكرامهم فيقول : « أكرم جيراني » ، فهذا الحكم وهو وجوب الإكرام قد جعل على موضوع متحقق الوجود خارجا ، إذ أنّ المولى بعد أن لاحظ الجيران وأحصاهم وأحرز وجودهم حكم بوجوب إكرامهم ، فهذه القضية في قوة تعداد أسماء الجيران والحكم بوجوب إكرامهم ، فكأنّما المولى