ـ التي منها القطع ـ ليس لها دخالة في ثبوت الحكم للموضوع بل إن ثبوت الحكم للموضوع تابع لعلّته الثابتة في نفس الأمر والواقع والأدلّة الإثباتيّة إنما هي كاشفة عن ذلك الثبوت الحاصل بين الموضوع والحكم ، فلها دور الكشف عن الواقع فهي مرآة الواقع ، فكما أنّ المرآة لا تثبت الحسن لوجه زيد والقبح لوجه عمرو ، وإنما تكشف عنه ، فكذلك الأدلّة الإثباتية ، وكما أن المرآة ليس لها قدرة على تغيير الحسن عن وجه زيد والقبح عن وجه عمرو ، كذلك الأدلة الإثباتية ليس لها القدرة على نفي الحكم عن موضوعه أو جعل حكم لموضوع.
ويمكن تنظير الأدلّة الإثباتية بشيء آخر وهي عين الإنسان التي تكشف عن الحوادث الخارجية وليس لها أي دور في ثبوتها أو نفيها ، فحينما ترى العين إنسانا يحترق فإنها لم تكن السبب في احتراقه وليس لها القدرة على دفع الاحتراق عنه كما أنها لا تقدر على تغيير الواقع ونفي احتراق هذا الإنسان واقعا فإنّ كل ذلك خارج عن وظيفتها إذ أن وظيفتها مقتصرة على إحداث العلم ـ باحتراق ذلك الإنسان ـ في عقل المشاهد ، فالمشاهد علم بالحادثة عن طريق عينه ، فكذلك الأدلة الإثباتية فإنّها وسائل العلم ، فالمطّلع على الأدلّة الإثباتية يحصل له العلم بمدلولات هذه الأدلّة دون أن يكون لهذه الوسائل العلمية دخل في ثبوت هذه المدلولات واقعا.
إذا اتضحت هاتان المقدمتان نصل لبيان معنى القطع الطريقي ومعنى القطع الموضوعي.
أما القطع الطريقي : فهو الذي عبّرنا عنه في المقدّمة الثانية بالدليل الإثباتي ، فالقطع الطريقي نوع من أنواع الأدلة الإثباتية وهو الذي يكشف