نعم ، الحجية في موارد القطع آكد منها في غير مورده وذلك لأنّه أعلى مراتب الكشف فتكون الإدانة في موارده أشد.
وخلاصة الكلام أنّ الذي أوجب ثبوت الحجية للقطع بالتكليف المولوي هو إدراك العقل لزوم حق الطاعة للمولى على عباده فلا بدّ من ملاحظة الحدود التي يحكم العقل فيها بلزوم حق الطاعة للمولى ، وإذا رجعنا إلى عقولنا نجد أنّه لا حدود لحق الطاعة للمولى على عباده بل إنّ لزوم طاعته تعالى ثابتة له مطلقا إلاّ في موارد القطع بعدم التكليف ، وبهذا يثبت التنجيز لكل تكليف وصل إلينا بأي نحو من أنحاء الوصول حتى ولو بالاحتمال ، وهذا هو معنى ما عبّر عنه المصنّف بمسلك حق الطاعة.
فالمصنّف رحمهالله يتّفق مع المشهور في منجزيّة القطع وإن كان يختلف معهم في كيفية الاستدلال على ذلك ويختلف مع المشهور أيضا في غير موارد القطع والعلم ، فالمشهور ذهبوا إلى جريان « قاعدة قبح العقاب بلا بيان » في كل مورد لم يقطع فيه بالتكليف المولوي ، أمّا المصنّف رحمهالله فقد ذهب إلى منجزيّة مطلق الانكشاف ولو كان بمرتبة الاحتمال وعبّر عن هذا المبنى بمسلك حق الطاعة.
وهذا الخلاف مؤثر في المنهجيّة التي يسير عليها الفقيه لغرض الوصول إلى النتائج وكذلك في النتائج.