أطول وأهم ما ورد في هذا الموضوع ، باعتباره من المسائل التي اُثيرت بقوة في ذلك الوقت ، بحيث كانت سبباً للاختلاف بين أصحابه عليهالسلام إلى حدّ الفرقة والتقاطع والعداوة ، فوضع الإمام عليهالسلام النقاط على الحروف في هذه المسألة الحساسة ، مستدلاً على المنزلة بين المنزلتين من آي الكتاب الكريم والحديث الشريف (١).
على ضوء ما تقدم من نسبة الأفعال اختلفت الفرق في تحديد جهة صدور الهداية والضلال ، والطاعة والمعصية ، والسعادة والشقاوة ، فذهب بعض المفسرين والمحدّثين إلى أنّ الله تعالى هو مصدر ذلك كله ، والعبد لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً ، فإذا أراد الله هداه ، وإذا أراد أضله ، وذهب آخرون إلى العكس من هذا التصور ، فتصدّى أهل البيت عليهمالسلام لهذين الاتجاهين مبينين أنّ كلّ هداية هي من الله تعالى ، وكلّ ضلالة هي من العبد نفسه ، وأن كليهما يجريان على الإنسان باختياره وقراره.
عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، قال : « سألته عن معنى لا حول ولا قوّة إلّا بالله. فقال : معناه لا حول لنا عن معصية الله إلّا بعون الله ، ولا قوّة لنا على طاعة الله إلّا بتوفيق الله عزّوجلّ » (٢).
وعن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : « سألت أبا عبد الله جعفر بن
______________
(١) تحف العقول / الحراني : ٤٥٨.
(٢) التّوحيد : ٢٤٢ / ٣ ، الاحتجاج : ٤١٢.