كان علي وأولاده المعصومون عليهمالسلام مراجع لأهل زمانهم من خلفاء وغيرهم ، يرجعون إليهم في كل معضلة ، ويلجأون إليهم في كل مأزق ، وقد تكرر قول عمر بن الخطاب : لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن. وقوله : لولا علي لهلك عمر. ذلك لأنهم أعلم الناس وأفضلهم بعد النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله.
وقد تحدثت الكثير من الأخبار عن قضايا ابتُلي فيها الخلفاء المعاصرين لأهل البيت عليهمالسلام ، ولم يهتدوا إلى وجه الصواب فيها إلّا بمراجعتهم ، فكانوا عليهمالسلام يجيبون عنها طالما يتعلق الأمر بمصالح المسلمين وخدمة الدين الحنيف.
فقد روي أنّه ذكر عند عمر بن الخطاب في إيامه حلي الكعبة وكثرته ، فقال قوم : « لو أخذته فجهزت به جيوش المسلمين ، كان أعظم للأجر ، وما تصنع الكعبة بالحلي ! فهمّ عمر بذلك ، وسأل عنه أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، فقال : إنّ هذا القرآن أنزل على محمد صلىاللهعليهوآله والأموال أربعة : أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض ، والفيء فقسمه على مستحقّيه ، والخمس فوضعه الله حيث وضعه ، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها ، وكان حلي الكعبة فيها يومئذٍ ، فتركه الله على حاله ، ولم يتركه نسياناً ، ولم يخف عنه مكاناً ، فأقرّه حيث أقره الله ورسوله. فقال له عمر : لولاك لافتضحنا ! وترك الحلي بحاله » (١).
______________
(١) نهج البلاغة : ٥٢٢ ـ الحكمة ٢٧٠ ، شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١٥٨.