الجبر هو الاعتقاد بنسبة أفعال العباد إلى الله تعالى ، ويقول المجبرة : ليس لنا صنع ، أي لسنا مخيرين في أفعالنا التي نفعلها ، بل إننا مجبورون بإرادته ومشيئته تعالى ، وإنما تنسب الأفعال إلينا على سبيل التجوّز ، لأننا محالّها ، وهذا يفضي إلى القول بأنه تعالى يحاسبهم على أفعال أجبرهم عليها ، ومن هنا نسبوا الظلم إلى الخالق ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً ، ويتبنى هذا الرأي الأشاعرة ، غير أنهم أضافوا ( الكسب ) إلى الإنسان ، لذا عُرفوا بالجبرية المتوسطة. والمفوضة يعتقدون أن الله سبحانه لا صنع له ولا دخل في أفعال العباد ، سوى أنه خلقهم وأقدرهم ، ثم فوض أمر أفعالهم إلى سلطانهم وإرادتهم ، ولا دخل لأي إرادة أو سلطان عليهم ، فأخرجوا الله تعالى عن سلطانه ، وأشركوا معه غيره في الخلق ، ويتبنى هذا الرأي المعتزلة. ويذهب أهل البيت عليهمالسلام مذهباً وسطاً بين الجبر والتفويض لا يتّصل بالجبر ولا بالتفويض ، وهو الأمر بين الأمرين ، أو المنزلة بين منزلتين ، فأفعالنا هي تحت مقدورنا واختيارنا ، وهي مقدّرة لله تعالى.
عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله الصّادق عليهالسلام ، قال : « لا جبر ولا تفويض ، ولكن أمر بين أمرين. قال : قلت : وما أمر بين أمرين ؟ قال : مثل ذلك مثل رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينتهِ ، فتركته ففعل تلك المعصية ، فليس حيث لم يقبل منك فتركته ، أنت الذي أمرته بالمعصية » (١).
______________
(١) التّوحيد : ٣٦٢ / ٨.