كان علي عليهالسلام رائد العدالة ومثلها الأعلى ، وقد حرص على تطبيقها بكلّ ما أُوتي من قوّة ، باعتباره قاعدة أساسية تضمن التكافل بين أبناء الدين الواحد ، وتقضي على أسباب الفقر. قال عليهالسلام : « إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء ، فما جاع فقير إلّا بما متّع به غني ، والله تعالى سائلهم عن ذلك » (١).
من هنا انتصف للمستضعفين من أصحاب الثراء والسلطان ، وكان ديدنه توزيع ما يرد بيت المال على المسلمين في حينه ، بحيث لا يختزن فيه شيئاً حتى الرغيف والخيط والإبرة ، وكان يرشّه بعد أن يفرغه ويصلي فيه ركعتين ، ومضى في هذا السبيل إلى آخر الشوط.
كان نظام العطاء في حكومة الرسول صلىاللهعليهوآله يقوم على أساس التسوية بين المسلمين كافة ، ولا فرق فيه بين المولى والسيد ولا الأسود والأبيض ، ولما ولي عمر بن الخطاب ألغى نظام التسوية في توزيع العطاء ، وحدّد معايير فضّل فيها بعض الناس على بعض ، منها : السابقة والهجرة والنسب وغيرها ، ففضّل السابقين على غيرهم ، وفضّل المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين ، وفضّل المهاجرين كافة على الأنصار كافة ، وفضّل العرب على العجم ، وفضّل الصريح على المولى (٢). وبقي نظام العطاء على هذا المنوال في زمان عثمان لكنه فضّل بني أمية على
______________
(١) نهج البلاغة : ٥٣٣ ـ الحكمة ٣٢٨.
(٢) راجع : شرح ابن أبي الحديد ٨ : ١١١.