الاكتفاء بوضوئها السابق ، لأنّ ظاهر الدليل أن الكثيرة بنفسها سبب للغسل والوضوء فلا بدّ من أن تأتي بهما بعد التبدل ، وعلى القول بعدم وجوب الوضوء في الكثيرة تأتي بالغسل فقط.
وأمّا إذا لم تتوضأ قبل التبدل فهل يجب بعد التبدل أن تغتسل للكثيرة وتتوضأ من جهة تحقق القليلة قبل ذلك ، وهي حدث موجب للوضوء ولا مسقط عنه أو لا يجب؟
الظاهر عدم الوجوب ، وذلك لأن القليلة وإن كانت سبباً للوضوء إلاّ أنّا ذكرنا في محلِّه (١) أن كل غسل يغني عن الوضوء ، فالغسل للكثيرة يكفي عن الوضوء.
هذا على أن في نفس الأخبار الواردة في القليلة دلالة على عدم وجوب الوضوء في المقام ، وذلك لأنها علقت وجوب الوضوء عند كل صلاة على عدم تجاوز الدم وعدم ثقبه ، وأمّا مع التجاوز ولو بعد ساعات فوظيفتها الاغتسال لكل صلاتين دون الوضوء ، وذلك لأن كل كثيرة مسبوقة لا محالة بالقلّة ، لأن الطفرة على ما يقولون مستحيلة ، أو لو كانت ممكنة فهي غير واقعة خارجاً ، أفهل يحتمل وجوب الوضوء للقليلة في جميع الاستحاضات الكثيرة.
وليس هذا إلاّ من جهة أن وجوب الوضوء للقليلة مقيد بأن لا يتجاوز دمها الكرسف ، ورواية ابن نُعيم صريحة في ذلك ، حيث ورد فيها ما مضمونه : أنها تنظر ما بين المغرب وبينها إن كان الدم يسيل ... إلخ (٢) فلاحظ.
وأمّا إذا تبدّلت القليلة بالمتوسطة قبل العمل أو في أثنائه ، فإن توضأت قبل ذلك فوضوءها باطل ليس لها الاكتفاء به ، لأن المتوسطة بنفسها مقتضية للغسل والوضوء.
وأمّا إذا لم تأت بالوضوء قبل ذلك فلا إشكال في أنها تغتسل وتتوضأ وهو كاف عن الوضوء للقليلة.
أو لو قلنا بأن المتوسطة سبب مستقل للوضوء وهو لا يكفي عن غيره ، فنقول إن وجوبه في القليلة كما عرفت مغيّا بعدم ثقب الدم وقد ثقب ، فلا يجب الوضوء للقليلة.
__________________
(١) في شرح العروة ٧ : ٤٠٢.
(٢) الوسائل ٢ : ٣٧٤ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٧.