والصحيح وجوب الغسل في جميع تلك الصور.
إمّا الأُوليان فواضحتان.
وأمّا الثالثة والرابعة فللأخبار الواردة في المقام الّتي دلّت على وجوب الغسل بمسّ الميِّت مطلقاً ، بل في بعضها لفظة « كل » وأن كل من مسّ ميتاً فعليه الغسل (١) ، ومقتضى تلك الأخبار عدم الفرق في وجوب الغسل بين مسّه قبل التغسيل وعدمه.
وقد خرجنا عن عمومها أو إطلاقها بصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام « مسّ الميِّت عند موته وبعد غسله والقُبلة ليس بها بأس » (٢) وغيرها من الأخبار ، فالخارج عن العموم أو الإطلاق عنوان وجودي وهو المسّ الّذي يكون بعد الغسل ، والموضوع لوجوب غسل المسّ المسّ الّذي لا يكون بعد الغسل ، ومن الظاهر أن أصالة عدم المسّ قبل التغسيل لا أثر لها حينئذ ، لأنّ الأثر مترتب على المسّ بعد الغسل أو المسّ المتّصف بالوصف العدمي وهو ما لا يكون بعد الغسل ، ففي الأوّل لا يجب الغسل ويجب في الثاني. وأصالة عدم المسّ قبل التغسيل ليس لها أثر بنفسها إلاّ بلحاظ إثبات أنّ المسّ بعد التغسيل إلاّ أنّه من الأُصول المثبتة ، لأن نفي أحد الضدّين لا يثبت الآخر ، فأصالة عدم المسّ قبل الغسل غير جارية في نفسها.
وحيث إنّا علمنا بالمس خارجاً ولم نحرز تحقق العنوان المستثنى عن العموم أو الإطلاق فلا مناص من الحكم بوجوب الاغتسال ، للشك في تحقق المسّ بعد الغسل والأصل عدمه.
ومجمل الكلام في المقام أنّه ورد في صحيحة الصفار « إذا أصاب يدك جسد الميِّت قبل أن يغسل فقد يجب عليك الغسل » (٣) وظاهرها أنّ الموضوع لوجوب الغسل هو المسّ الّذي قبل التغسيل ، أي المقيد بالعنوان الوجودي لا العدمي كما ذكرناه.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٢٩٥ / أبواب غسل المسّ ب ٣ ح ٣.
(٢) الوسائل ٣ : ٢٩٥ / أبواب غسل المسّ ب ٣ ح ١.
(٣) الوسائل ٣ : ٢٩٠ / أبواب غسل المسّ ب ١ ح ٥.