ومعه يمكننا نفي هذا الموضوع بالأصل ونقول الأصل أنّ المسّ لم يتحقق قبل التغسيل ، فلا يجب الغسل في الصورتين الأخيرتين.
إلاّ أن ظاهر الصحيحة غير مراد قطعاً ، لأن لازمها عدم وجوب الغسل بمسّ الميِّت إذا لم يقع بعد المسّ تغسيله إلى يوم القيامة ، لعدم تحقق المسّ قبل الغسل ، لأنّ القبلية والبعدية متضائفتان فلو لم يقع غسل بعد المسّ لم يتصف المسّ بالقبلية ، فلا يجب الغسل بالمس حينئذ مع أنّه ممّا لا يمكن الالتزام به.
فلا مناص من التأويل في الصحيحة بحملها اي بحمل القبلية على المعية والاقتران ، كما التزمنا بذلك فيما ورد من أن هذه قبل هذه (١) ، لأن صلاة الظهر لا يشترط في صحّتها أن تقع العصر بعدها ، مع أن لازم الرواية اعتبار كونها واقعة قبل العصر والعصر واقعة بعد الظهر للتضايف بين القبلية والبعدية ، مع أنّه لو صلّى الظهر ولم يصل العصر أصلاً أو صلّى العصر قبل الظهر وقعت صلاة الظهر صحيحة وإنّما تبطل العصر فقط ، ومن هنا حملناها على إرادة وقوع العصر لا مع الظهر ، وكذلك القول في المقام إلاّ أنّا نحتمل أن يراد بالمس قبل الغسل ، المسّ الّذي لا يكون بعد الغسل.
توضيح هذا المجمل أن في المقام ضدّين : المسّ قبل الغسل والمسّ بعد الغسل وغسل المسّ إذا وجب في أحدهما لا يكون واجباً في الآخر لا محالة ، وليس لهما ثالث في المقام ، وبما أنّ المسّ بعد الغسل لا يجب معه غسل المسّ قطعاً فيكون المسّ قبل الغسل محكوماً بوجوب غسل المسّ معه ، وحيث إن القبلية كما عرفت لا يمكن أن تؤخذ في موضوع وجوب الغسل فيمكن أن يراد بالقبل غير الواقع بعد الغسل.
ومعه يكون الموضوع لوجوب غسل المسّ هو المسّ الّذي لا يكون بعد الغسل ، وإطلاق أحد الضدّين اللذين لا ثالث لهما وإرادة غير الضد الآخر أمر ممكن ، ومعه
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٢٦ ، ١٣٠ / أبواب المواقيت ب ٤ ح ٥ ، ٢٠ ، ٢١ وغيرها.