لا تجري أصالة عدم المسّ قبل التغسيل ، إذ لا أثر لها في نفسها ، وبهذا تصبح الصحيحة مجملة ولا يمكن الاعتماد عليها في الاستدلال.
وحاصل ما ذكرناه في المقام : أنّ المسّ الّذي أُخذ موضوعاً لوجوب غسل المسّ مقيّد بأن لا يكون واقعاً بعد الغسل ، والخارج أمر وجودي وهو المسّ بعد الغسل ومعه لا بدّ من الحكم بوجوب الغسل في جميع الصور المتقدمة ، كان تاريخ المسّ مجهولاً والتغسيل معلوماً أم انعكس أو كان كلا التاريخين مجهولاً.
وذلك لأنّ المسّ معلوم بالوجدان ونشك في أنّه واقع بعد الغسل أو ليس بواقع بعده ، ومقتضى الأصل عدم كونه واقعاً بعد الغسل ، فهو مسّ بالوجدان وليس واقعاً بعد الغسل بالتعبّد ، أي ليس من القسم الخارج بالتعبد ، لأنّ الخارج أمر وجودي يمكن أن يحرز عدمه بالأصل ، فلا مناص من الحكم معه بوجوب غسل المسّ مطلقاً.
وهذا بخلاف ما إذا كان المسّ مقيّداً بقيد عدمي آخر وهو أن لا يكون معه غسل فإنّه على ذلك لا نلتزم بوجوب الغسل فيما إذا كان تاريخ المسّ مجهولاً وكان تاريخ التغسيل معلوماً.
فإن مقتضى استصحاب عدم كون المسّ واقعاً قبل الغسل عدم تحقق موضوع الحكم بوجوب الاغتسال ، أعني المسّ الّذي ليس معه غسل ، لأنّه ينفي وجود المسّ قبل التغسيل ، فليس هناك مسّ لا يكون معه غسل ، فلا يجب غسل المسّ حينئذ بخلاف بقيّة الصور.
فإذا عرفت الفارق بين القيدين العدميين والمدعى ، فنقول في إثبات ذلك :
إنّ المطلقات دلّت على وجوب الغسل بالمس مطلقاً ، وقد دلّت صحيحة محمّد بن مسلم المتقدمة (١) على أنّ المسّ بعد التغسيل لا بأس به ، وإذا انضمّ هذا إلى المطلقات دلّتا على أنّ المسّ الواجب معه الغسل هو المسّ الّذي لا يكون بعد الغسل ، ومعه بما
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٢٩٥ / أبواب غسل المسّ ب ٣ ح ١.