طولي (١) فلا نعيد وجهه.
وإنّما الكلام في أن هذا الوجوب الكفائي المشترك بين الجميع هل ينافيه كونه مشروطاً بإذن الولي ، لأنّه لو أتى به غير الولي من غير إذنه لا يكون مصداقاً للواجب بل هو أمر منهي عنه والمحرم كيف يقع مصداقاً للواجب ، أو أنّ الوجوب الكفائي لا ينافي كونه مشروطاً بإذن الولي.
فقد يجاب عن ذلك بأنّ الوجوب الكفائي مشترك بين الجميع ولا فرق فيه بين الولي وغيره ، وإنّما الواجب مشروط بإذن الولي ، ولا مانع من أن يكون الوجوب مطلقاً كفائياً ويكون الواجب مشروطاً في حق بعض المكلّفين دون بعض ، لعدم كونه مشروطاً بالإضافة إلى الولي وإنّما هو مشروط بإذن الولي في غيره.
وقد أجبنا عنه بأنّ الواجب لا يمكن أن يكون مشروطاً بأمر غير اختياري ، ومن الواضح أن إذن الولي غير مقدور للمصلّي والمكفّن وغيرهما ، فلا مناص من أن يكون شرطاً وقيداً للوجوب ويكون مأخوذاً مفروض الوجود ، ومعه يكون التكليف بتلك الأفعال تكليفاً مطلقاً فعلياً في حق الولي ، ولا يكون كذلك في حق غيره ، وإنّما يكون أصل الوجوب مشروطاً بإذن الولي بالإضافة إلى غيره ، وهو ما أفاده صاحب الحدائق من كون التكليف طولياً ومتوجهاً إلى الولي أوّلاً ، وعلى تقدير إذنه أو امتناعه يتوجه إلى غيره ، فالمحذور باق بحاله.
والّذي ينبغي أن يقال وهو الصحيح إنّ التكليف بتلك الأفعال واجب كفائي يشترك فيه الجميع ، غاية الأمر أنّه كما روعي فيها الميِّت من حيث الصلاة عليه وكفنه ودفنه كذلك روعي حال الولي والوارث حتّى لا يزاحمه غيره ، لأنّه لا يناسب الوارث ، فجعل الحق له في المباشرة لتلك الأُمور أو الاستئذان منه ، لأنّه كالتسلية والتعزية له ، إذ لا يناسبه مزاحمة الغير إيّاه في الصلاة على والده مثلاً أو تغسيله أو نحوه ، وهذا لا ينافي كون الوجوب كفائياً ، وذلك لا لأنّ الواجب مشروط بالإذن كما
__________________
(١) الحدائق ٣ : ٣٥٩.