تقدم ، بل لأنّ الواجب الكفائي كالواجب العيني مشروط بالشرائط العامّة الّتي منها القدرة فالوجوب الكفائي ثابت مجعول على الجميع إلاّ أنّه يتّصف بالفعلية بالإضافة إلى من له القدرة عليه ، ولا يكون فعلياً بالإضافة إلى من لا يقدر عليه. وهذا لا يخرج الوجوب عن كونه كفائياً كما هو ظاهر لوضوح أنّا لا نتمكّن من الصلاة على الميِّت النائي عن بلدنا ولا نقدر على دفنه وكفنه ، ويتمكّن منها من هو عند الميِّت من المكلّفين فيكون الوجوب فعلياً في حقّهم وغير فعلي بالإضافة إلينا ولا يخرج عن كونه كفائياً بذلك بوجه.
وأظهر من ذلك ، ما إذا وقع إنسان محترم في الحوض الواقع في دار أحد وأشرف على الغرق ، فان إنقاذه واجب على الجميع بل من أهمّ الواجبات الإلهيّة مع أنّ غير المالك لا يقدر على إنقاذه لعدم جواز التصرّف في مال الغير من دون إذنه ، فلا يتمكّن من دخول الدّار ، وهذا بخلاف المالك فهو لقدرته عليه فعلي في حقِّه وليس فعليّاً في حقِّ غيره ، إلاّ أن يمتنع عن المباشرة والإذن في الدخول للإنقاذ فحينئذٍ يجوز الدخول في داره ، بل يجب ولو من دون إذنه ، لأهمية وجوب إنقاذ النفس المحترمة ، وهذا ظاهر. وبما أنّ الولي في المقام قادر على تلك الأفعال ، وغيره لا يقدر عليها لتوقفه على إذن الولي أو امتناعه عن المباشرة ، فيكون الوجوب الكفائي فعلياً في حقّه وغير فعلي بالإضافة إلى الغير مع بقائه على الكفائية كما عرفت ، فالاشتراط بالاذن غير منافٍ للوجوب الكفائي بوجه.
ثمرة النزاع
وتظهر ثمرة النزاع فيما إذا امتنع الولي عن المباشرة وعن الاذن فيها للغير مع علمه بقيام غيره بها ، فإنّه بناءً على أنّ التكليف متوجّه إليه وعيني في حقّه يكون عاصياً لمخالفته التكليف المتوجّه إليه ، وأمّا بناءً على ما ذكرناه من أنّه حكم كفائي يشترك فيه الجميع ولا فرق فيه بين الولي وغيره فلا عصيان للولي ، أمّا من جهة تركه المباشرة فلجواز ترك الواجب الكفائي عند العلم بقيام الغير به ، وأمّا من جهة تركه الاذن