السلام ) عن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته أيغسلها؟ قال عليهالسلام : نعم ، وأُمّه وأُخته ونحو هذا يلقي على عورتها خرقة » (١) حيث دلّت على جواز تغسيل المحارم مطلقاً من دون تقييد بما إذا لم يوجد مماثل.
وفيه : أنّ الصحيحة لا دلالة لها على المدّعى ، لأنّ السؤال فيها إنّما هو عن الرجل يخرج في السفر ، والسفر من موارد الاضطرار ، إذ لا يوجد فيه مماثل يغسل الميِّت غالباً ، فالصحيحة واردة في مورد فقد المماثل والاضطرار لا في صورة الاختيار.
وقد يقال : إنّ السفر ليس من موارد الاضطرار ، إذ كثيراً ما يوجد فيه المماثل من النِّساء والرجال ولو من غير ذوات الأرحام.
ويندفع بأن مطلق وجود المماثل لا يكفي في ارتفاع الاضطرار ، وإنّما يرتفع الاضطرار بوجود مماثل مقدم للتغسيل ، وهو لا يوجد في السفر إلاّ نادراً ، فالإتيان بهذا القيد أعني السفر كاشف عن اختصاص الحكم بموارد الاضطرار ، إذ لو لم يكن له دخل في الحكم لم يكن لذكره وجه في الكلام ، وللزم أن يسأل عن مجرّد جواز تغسيل الرجل زوجته ، فإضافة قيد السفر من جهة اختصاص الحكم بالاضطرار.
إذن لا تكون هذه الصحيحة موجبة للخروج عمّا دلّ على اعتبار المماثلة بين الغاسل والميِّت إلاّ في حال الاضطرار ، فان لم يقم دليل على عدم اعتبارها في حال الاختيار لا بدّ من اختصاص الحكم أعني جواز تغسيل المحرم بما إذا لم يوجد هناك مماثل ، وهذا هو الصحيح ، أي لم يقم دليل على عدم اعتبار المماثلة في المحارم ، وحيث إنّ الدليل يدل على اعتبارها ، وهو الارتكاز المتشرعي في الأذهان المؤيّد بما ورد في رواية أبي حمزة من أنّ المرأة لا يغسلها إلاّ امرأة (٢) فلا بدّ من تخصيص جواز تغسيل المحارم بصورة فقد المماثل والاضطرار.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٥١٦ / أبواب غسل الميِّت ب ٢٠ ح ١.
(٢) الوسائل ٢ : ٥١٩ / أبواب غسل الميِّت ب ٢٠ ح ١٠ ، ٥٢٥ ب ٢٢ ح ٧. ( وفيهما : لا يغسل الرجل المرأة إلاّ أن لا توجد امرأة )