الخنثى المشكل ، للشك في رجوليتها وأُنوثيتها فأصالة البراءة عن حرمة النظر إليها جارية ، فلا تشملها أدلّة اعتبار المماثلة بين الغاسل والميِّت ، فيجوز لكل من الرّجال والنِّساء تغسيل الخنثى حينئذ.
وفيه : ما قدّمناه من أن اعتبار المماثلة بين الغاسل والميِّت غير مستند إلى حرمة النظر إلى الميِّت وإنّما هو حكم تعبدي ، ومن ثمة اشترطنا في تغسيل المحارم فقد المماثل مع أنّ المحرم يجوز له أن ينظر إلى بدن الميِّت ، كما لا يجوز تغسيل غير المماثل للميت في الظلمة أو مع العمى أو غيرهما ممّا يمنع عن وقوع النظر إلى بدن الميِّت ، فأدلّة اعتبار المماثلة بحالها.
ومعه يقع الكلام في أن وظيفة المسلمين بالنسبة إلى الخنثى المشكل أي شيء؟
ويقع الكلام في ذلك في مقامين : أحدهما في غير المحارم ، وثانيهما في المحارم (١).
أمّا المقام الأوّل : فإن قلنا إن حرمة تغسيل غير المماثل ذاتية فلا محالة يندرج المقام بالإضافة إلى الأجانب في كبرى دوران الأمر بين المحذورين ، وذلك لأن كلا من النِّساء والرّجال يعلم بتوجه تكليف إلزامي إليه ، وهو إمّا وجوب تغسيل الخنثى على تقدير كونها مماثلاً للغاسل واقعاً ، وإمّا حرمة التغسيل على تقدير عدم كونها مماثلاً للغاسل ، ومع دوران الأمر بين المحذورين أي بين الوجوب والتحريم لا مناص من التخيير ، بمعنى أن كلا من النِّساء والرجال له أن يترك تغسيل الميِّت الخنثى رأساً وله أن يغسلها بقصد القربة رجاءً.
نعم ، ليس له أن يغسلها من دون قصد التقرّب ، وذلك لأنّ المقام من الموارد الّتي لا يمكن فيها تحصيل الموافقة القطعية ، ويمكن فيها المخالفة القطعية ، فإنّ التغسيل واجب عبادي يعتبر فيه قصد القربة فيتمكن المكلّف من المخالفة القطعية ، بأن يغسل الخنثى من غير قصد التقرّب ، فإنّه يعلم حينئذ بالمخالفة ، حيث إنّ الخنثى إمّا مماثل معه فقد
__________________
(١) لم يتعرّض للمقام الثاني بعنوان مستقل.