فهل يختص بالفرائض ولا تحتاج إلى الغسل في النوافل بحيث إذا اغتسلت للصبح تأتي بها وبنافلتها وكذا في الظهرين والعشاءين ، أو لا بدّ من أن تغتسل للنوافل أيضاً؟
والصحيح عدم وجوب الغسل للنوافل.
وقد يتوهم أنه لا دليل على ذلك سوى الإجماعات المدعاة على أن المستحاضة إذا فعلت ما يلزمها من الوضوء والغسل وغيرهما كانت بحكم الطاهرة. ولا يمكن استفادة ذلك من النصوص (١).
إلاّ أن الأمر ليس كما توهم ، وذلك لإمكان استفادة ذلك من نفس الأخبار ، ويكفي في ذلك المطلقات الدالّة على وجوب الوضوء على كل مكلّف يريد الصلاة (٢) ، والمطلقات الدالّة على وجوب الوضوء على المستحاضة (٣) ، لأنها تدل على أن المستحاضة كغيرها تتمكّن من الاكتفاء بالوضوء في صلواتها ، وذلك كقوله تعالى ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ... ) (٤). حيث دلّ على أن كل مكلف محدث يريد الصلاة له أن يكتفي بالوضوء فقط ، خرج عنه الجنب لقوله تعالى ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) لدلالته على أن الجنب ليس له أن يكتفي بالوضوء ، بل لا بدّ من أن يغتسل للصلاة ، وخرجنا عنه في المستحاضة الكثيرة وفي مسّ الميِّت وغيرهما لما دلّ على أن الغسل يغني عن الوضوء ، وأمّا غير ذلك من الموارد ، كما إذا أرادت المستحاضة أن تصلِّي نافلة ، فمقتضى إطلاق الآية المباركة وغيرها من المطلقات أن المستحاضة يمكنها أن تكتفي بالوضوء فحسب.
وكذلك يمكن استفادة عدم وجوب الغسل للنوافل من النصوص الواردة في أن المستحاضة بالكثيرة تغتسل ثلاث مرّات ، وذلك لأنها على طوائف :
__________________
(١) المتوهم هو السيد الحكيم في المستمسك ٣ : ٣٩٤.
(٢) الوسائل ١ : ٣٦٥ ٣٦٩ / أبواب الوضوء ب ١ ، ٢.
(٣) الوسائل ٢ : ٢٧٨ ، ٢٨٠ / أبواب الحيض ب ٤ ح ١ ، ٧ ، ٨ ، ٢٨١ / ب ٥ ح ١ ، ٣٧٦ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١٣.
(٤) المائدة ٥ : ٦.