ومقتضى الاحتمال الثاني أن صلاتها حينئذ باطلة لعدم كونها واجدة للشروط وهو الفحص.
وأمّا الوجوب الطريقي فهو بمعنى أن الفحص منجز للواقع وطريق إليه ، نظير وجوب التعلم للأحكام ، بحيث إنها لو لم تفحص وكانت صلاتها على خلاف الواقع استحقت العقاب ، وأمّا إذا تركت الفحص إلاّ أنها اغتسلت وتوضأت رجاء وكانت صلاتها مطابقة للواقع فصلاتها صحيحة ولا عقاب في حقها ، فهذه احتمالات ثلاثة.
وعلى احتمال أنه واجب طريقي يقع الكلام في أنه واجب مطلقاً حتى مع الاحتياط والإتيان بالغسل والوضوء رجاء أو أنه يختص بغير هذه الصورة.
الصحيح أن الفحص واجب طريقي وأنه منجز للواقع فحسب ، وذلك لأنه الظاهر من الروايتين حيث فرع فيهما وجوب الاغتسال على الاختبار وإدخال الكرسف أو القطنة ، وهو ظاهر في أن الاختبار إنما هو مقدّمة للعلم بما هو الوظيفة في حقها من الاغتسال وغيره ، لا أنه واجب نفساً أو شرطاً.
وعليه فلو تركت الفحص وتوضأت وصلّت وكانت صلاتها صحيحة في الواقع لكون الاستحاضة قليلة لم تستحق العقاب ، لأن الاختبار طريق إلى معرفة الحال والإتيان بالفريضة والواجبات ، ومع الإتيان بهما لا حاجة إلى الاختبار.
وهل وجوب الاختبار مطلق حتى في صورة الاحتياط ، بحيث ليس للمرأة أن تحتاط في إعمالها ، بل لا بدّ لها من الفحص والاختبار ، أو أنه غير مانع عن الاحتياط.
الصحيح هو الثاني ، لأن الوجوب الطريقي غير مناف للاحتياط ، لأنه وجب مقدمة للامتثال والإتيان بالواجب الواقعي ، ومع التمكّن من إتيانه بطريق آخر لا وجه للوجوب الطريقي.
اللهمّ إلاّ أن نقول إن الامتثال الإجمالي في طول الامتثال التفصيلي ، والمكلف مع التمكّن من الامتثال التفصيلي بالاختبار ليس لها الاختيار على الامتثال الإجمالي ، إلاّ أنّا لم نبن على ذلك وقلنا إنهما على حد سواء ، فالوجوب الطريقي لا يكون مانعاً عن الاحتياط.