دوران أمر الدم بين الاستحاضة القليلة والكثيرة ، لدوران الأمر حينئذ بين المتباينين.
فنقول : إذا بنينا على أن الاختبار واجب نفسي وأنه المستفاد من الروايتين فلا ينبغي الإشكال في سقوطه عند عدم التمكّن من الاختبار لعدم وجود القطنة عندها أو لكون يديها مربوطتين أو لغير ذلك من الأسباب ، وذلك لاستحالة التكليف بما لا يطاق.
وأمّا إذا بنينا على أنه واجب شرطي فلا موجب لاختصاصه بحالة الاختيار والتمكّن ، لما ذكرناه غير مرة من أن الأدلّة المثبتة للأجزاء والشرائط من قبيل القضايا الخبرية ، فما دلّ على النهي عن الصلاة فيما لا يؤكل لحمه أو الأمر بالصلاة إلى القبلة معناه أن الصلاة يعتبر فيها أن لا تقع فيما لا يؤكل لحمه أو يعتبر أن تكون واقعة إلى القبلة.
ومعه لا داعي إلى تخصيص الشرطية أو الجزئية بحال التمكّن ، بل مقتضى إطلاقها ثبوت الشرطية والمانعية والجزئية حتى في حال العجز وعدم التمكّن ، ونتيجة ذلك سقوط الأمر بالمركب رأساً عند عدم التمكّن من شيء من أجزائه أو شرائطه.
فمقتضى القاعدة في المقام عدم وجوب الصلاة على المرأة عند عدم تمكنها من الاختبار إلاّ أن يثبت بالإجماع وقوله عليهالسلام « لا تدعي الصلاة على حال » (١) وحينئذ يقتصر على المقدار المتمكن منه من المركب ، ومن هنا قلنا إن احتمالي الوجوب النفسي والشرطي على طرفي النقيض ، فإن وجوب الاختبار ساقط على الأوّل عند عدم التمكّن منه ، وغير ساقط على الثاني.
وأمّا إذا بنينا على ما ذكرناه من أن الاختبار واجب طريقي فقد عرفت أن معناه تنجيز الواقع وتخصيص أدلة الأُصول إلحاقاً للشبهة الموضوعية في المقام بالشبهات الحكمية ، فمع الشك في اختصاص ذلك بحال التمكّن يشك في أن أدلّة الأُصول هل هي مخصصة بالإضافة إلى حال التمكّن فقط ، أو أنها مخصصة بالإضافة إلى حال عدم
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٧٣ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥.