وجوب الفحص في حقها مرة واحدة ، فلا مانع من استصحاب حالتها السابقة الثابتة بالاختبار عند الصلوات الأُخرى ، وما ذكروه من وجوب الاختبار عند كل صلاة غير ظاهر الدليل.
ثم إنه إذا لم تتمكن من الاختبار يجب عليها الأخذ بالقدر المتيقن ، وهو الوضوء لكل صلاة بناء على ما سلكه المشهور من وجوبه لكل صلاة في كل من القليلة والمتوسطة والكثيرة بزيادة الغسل الواحد لكل يوم وليلة في المتوسطة ، والأغسال الثلاثة أو الخمسة على تقدير عدم الجمع في الكثيرة ، فالوضوء لكل صلاة هو القدر المتيقن حينئذ.
وأمّا بناء على ما سلكناه من عدم وجوب الوضوء في الاستحاضة الكثيرة وانحصار وظيفتها في الأغسال المتعددة فكون الوضوء قدراً متيقناً إنما هو إذا دار الأمر بين الاستحاضة القليلة والمتوسطة ، وأمّا إذا دار الأمر بين القليلة والكثيرة فهما من المتباينين ، لوجوب الوضوء في أحدهما ووجوب الغسل في الآخر. ومعه لا بدّ من الاحتياط ولو بتكرار الصلاة مع الوضوء تارة ومع الغسل تارة أُخرى كما قدمناه.
نعم ، يمكن تصوير المتيقن منهما من جهة الموضوع وإن كان بالنظر إلى أحكامهما متباينين ، وذلك لوضوح أن الدم في القليلة أقل من المتوسطة والكثيرة ، وهو في المتوسطة أكثر من القليلة ، وفي الكثيرة أكثر من المتوسطة ، فالمقدار المتيقن من الدم هو المقدار الأقل ، والزائد المشكوك فيه مورد لأصالة عدم الزيادة ، وبذلك أي باستصحاب عدم خروج الدم الزائد يحرز أن الاستحاضة من القليلة ، فتترتب عليها أحكامها.
ولكن إجراء هذا الاستصحاب متوقف على لحاظ أن وجوب الفحص مختص بحال التمكّن فلا يجب مع التعذر ، أو أن الوجوب يعم كلتا الحالتين ، فعلى الأول لا مانع من جريانه دون الثاني.
وذلك لما مرّ من أنّ أدلّة وجوب الفحص دلت على تخصيص أدلّة الأُصول وألحقت الشبهة الموضوعية في المقام بالشبهات الحكمية ، ومعه لا مناص من الاحتياط عند