النهي الوارد فيها على الاخبار عن وجود مفسدة فيه لا يمكن بحسب المتفاهم العرفي أبداً.
وثانياً : لو تنزّلنا عن ذلك وسلّمنا أنّ هذا الحمل ممكن عرفاً إلاّ أنّه عندئذ وإن كان لا مانع من اجتماع المصلحة والمفسدة في شيء واحد في نفسه مع قطع النظر عن تأثيرهما في المحبوبية والمبغوضية ، ضرورة أنّه لا مانع من أن يكون شيء واحد مشتملاً على مصلحة من جهة وعلى مفسدة من جهة اخرى ، ولكن لا يمكن تأثيرهما في المحبوبية والمبغوضية معاً ، بداهة استحالة أن يكون شيء واحد محبوباً ومبغوضاً في آن واحد ، وعليه فإذا فرض أنّ المجمع واحد وجوداً وماهية فلايعقل تأثير المصلحة في محبوبيته وتأثير المفسدة في مبغوضيته ، وتأثير الاولى في جعل الوجوب له وتأثير الثانية في جعل الحرمة له ، وإن كان لا مضادة بين نفس الوجوب والحرمة من جهة أنّهما أمران اعتباريان ، وقد ذكرنا أنّه لا مضادة بين الامور الاعتبارية أصلاً ، إلاّ أنّه لا يمكن جعلهما لشيء واحد من ناحية أنّ جعل الحكم الأوّل كاشف عن محبوبية هذا الشيء ، وجعل الثاني كاشف عن مبغوضيته ، ولا يمكن أن تجتمع المحبوبية والمبغوضية في شيء واحد ، هذا من جهة.
ومن جهة اخرى : أنّه لا يمكن امتثالهما في الخارج ، ومن المعلوم أنّ جعل مثل هذا الحكم لغو وصدور اللغو عن الشارع الحكيم مستحيل.
وعلى الجملة : فعلى تقدير كون المجمع واحداً وإن كان لا مانع من اجتماع المصلحة والمفسدة فيه بنفسه ، إلاّ أنّه لا يمكن ذلك من ناحية تأثيرهما في المحبوبية والمبغوضية ، فإذن لا يمكن أن يكون الاطلاقان كاشفين عن وجود مصلحة فيه كذلك ومفسدة ، فعلى هذا لا محالة تقع المعارضة بينهما لكذب أحدهما في الواقع على الفرض ، وعدم إمكان صدق كليهما معاً ، فيرجع عندئذ