وكذا الحال فيما نحن فيه ، فانّه بناءً على تقديم جانب الحرمة على جانب الوجوب في مورد الاجتماع كالصلاة في الدار المغصوبة مثلاً فالمجمع متمحض عندئذ في الحرمة والمبغوضية بحسب الواقع ، ولا يعقل حينئذ أن يكون مصداقاً للمأمور به والواجب ، وإن فرض أنّ المكلف جاهل بحرمته جهلاً عن قصور ، غاية الأمر أنّ جهله بها كذلك يوجب كونه معذوراً وغير مستحق للعقاب على ارتكاب الحرام في الواقع ، هذا بناءً على وجهة نظرنا من أنّ هذه المسألة على القول بالامتناع تدخل في كبرى باب التعارض ، فتجري عليه أحكامه.
ولكن يمكن لنا المناقشة فيه على وجهة نظره قدسسره أيضاً ، ببيان أنّ قصد الملاك إنّما يكون مقرّباً فيما إذا لم يكن مزاحماً بشيء ، ولا سيما إذا كان أقوى منه ، كما هو المفروض في المقام ، وأمّا الملاك المزاحم فلا يترتب عليه أيّ أثر ، ولا يكون قصده مقرّباً ، بناءً على ما هو الصحيح من تبعية الأحكام للجهات الواقعية لا للجهات الواصلة ، وبما أنّ في مفروض الكلام ملاك الوجوب مزاحم بملاك الحرمة في مورد الاجتماع فلا يكون صالحاً للتقرب به.
وعلى هذا فلا يمكن الحكم بصحة العبادة في مورد الاجتماع على هذا القول ـ أي القول بالامتناع ـ لا من ناحية الأمر وانطباق المأمور به بما هو على المأتي به في الخارج ، ولا من ناحية الملاك لفرض أنّه مزاحم بما هو أقوى منه.
وأمّا النقطة الثالثة : فيردّها أنّ العقل يرى التفاوت بين هذا الفرد وبقية الأفراد من ناحية أنّ هذا الفرد بما أنّه ليس مصداقاً للطبيعة المأمور بها بما هي ولا تنطبق تلك الطبيعة عليه ، فلا يمكن إحراز أنّه وافٍ بغرض الطبيعة المأمور بها ، ضرورة أنّ طريق إحراز وفائه بغرضها منحصر بانطباقها عليه ، ومع عدم الانطباق لا طريق لنا إلى ذلك أصلاً ، لوضوح أنّ عدم الانطباق كما يمكن أن يكون من ناحية وجود المانع مع ثبوت المقتضي له ، يمكن أن يكون من ناحية