فريضة الحج عقلاً وشرعاً لتكون نتيجته اشتراط وجوبه بالقدرة الشرعية. وعلى هذا لايفرق بين فرض كون وجوب ذلك الواجب قبل حصول الاستطاعة ثمّ حصلت أو بعده ، وسيجيء بيان ذلك من هذه الجهة بصورة مفصلة.
وأمّا إذا كان الواجبان متساويين ، بأن لا يكون أحدهما أهم من الآخر ولا محتمل الأهمّية ، فيتخيّر المكلف بين صرف قدرته في امتثال هذا وصرفها في امتثال ذاك على ما سنبيِّن إن شاء الله تعالى.
وعلى الفرض الثاني ، وهو ما إذا كان الواجب المطلق مشروطاً بالقدرة شرعاً ، لا إشكال في تقديم فريضة الحج عليه ولو كانت الاستطاعة متأخرة عنه زماناً ، وذلك لما عرفت من أنّ الواجب المشروط بالقدرة شرعاً لا يصلح أن يزاحم الواجب المشروط بالقدرة عقلاً ، وبما أنّا قد ذكرنا أنّ وجوب الحج مشروط بالقدرة عقلاً فيتقدّم عليه مطلقاً ولو كان متأخراً عنه.
ومن ذلك يظهر حال الأمر الثالث أيضاً فلا حاجة إلى البيان.
فما أفاده السيِّد قدسسره من التفرقة بين كون الواجب المطلق الفوري ثابتاً في الذمة قبل حصول الاستطاعة ثمّ حصلت ، وكونه ثابتاً فيها بعد حصولها ، وأ نّه على الأوّل يتقدّم على الحج مطلقاً ، وعلى الثاني لا بدّ من ملاحظة الأهمّية في البين ، لا يرجع إلى معنىً صحيح ، لما عرفت من أنّه لا عبرة بالتقدّم أو التأخّر الزماني أصلاً.
وأمّا الأمر الرابع : فيظهر فساده مما تقدّم من أنّ النذر مطلقاً ـ أي سواء أكان على نحو الواجب المشروط أم على نحو الواجب المعلق ، بأن يكون الوجوب حالياً والواجب استقبالياً ـ لا يكون مانعاً عن وجوب الحج ، بل قد عرفت أنّ وجوب الحج مانع عن وجوب الوفاء بالنذر ورافع لموضوعه.