صورة تعارض الصّفات.
نعم ، على ما ذكرنا : من استفادة إناطة التّرجيح بكلّ مزيّة ربّما لا يحتاج إلى السّؤال عن حكم تعارضها : فإنّ التّرجيح عند التّعارض منوط بنظر العامل بالحديث كما في تعارض سائر المزايا من المنصوصة وغيرها ، وعلى تقدير التّكافؤ يعامل معهما معاملة المتكافئين ؛ لأنّهما على التّقدير المذكور من مصاديقهما حقيقة.
وبالجملة : بعد إناطة التّرجيح بمطلق المزيّة والتّعدّي عن المرجّحات المنصوصة ، وحمل قوله في المقبولة ( وإن اختار كلّ منهما رجلا ... إلى آخره ) (١) وجوابه بالتّرجيح من حيث الصّفات على مسألة الاستفتاء وطلب الحكم اللّغوي ـ لا على المعنى المعروف عند الفقهاء كما يشهد له استدلالهم بالمقبولة على وجوب تقليد الأفقه والأعدل والأوثق عند الاختلاف بالدّلالة الأصليّة المطابقيّة ، لا بفحوى دلالتها على تعيين الأفقه والأعدل في باب القضاء كما زعمه بعض ـ لا يتوجّه إشكال على المقبولة أصلا ، لا ما أفاده قبل قوله : ( نعم ، يرد عليه بعض الإشكالات في ترتيب المرجّحات ... إلى آخره ) (٢) المبني على حمل المذكور ـ سؤالا وجوابا ـ على الحكومة عند الفقهاء ، ولا ما أفاده في ذيل قوله المذكور.
مع أنّ تصديق ورود ما ذكره مع دفعه بما ذكره بعده وعدم قدحه في ظهور
__________________
(١) وهي مقبولة عمر بن حنظلة التي رواها المشائخ الثلاثة من أعلام الحديث وقد مرّ تخريجها.
(٢) فرائد الأصول : ج ٤ / ٦٠.