والنّسبة بين هذه الأخبار المتصلة كما ترى ، بعد جعل الاستثناء من المخصّص المتّصل وإن كانت عموما من وجه ، إلاّ أنّ ما ذكرنا من الموهنات لارتكاب التّخصيص في الذّهب والفضّة يوجب التّصرف في العقد السّلبي ، وجعل الحصر إضافيّا بالنّسبة إلى غير الذّهب والفضّة ، كما يجعل إضافيّا بالنّسبة إلى حديثي الدّرهم والدّينار.
وثاني الشّهيدين ( قدس أسرارهما ) في « المسالك » (١) وإن أجاد في شرح المقام كما يظهر من كلامه المحكيّ في « الكتاب » (٢) ، إلاّ أنّه ما أجاده في جعل النّسبة العموم والخصوص ومعاملة الخاصّ المنفصل مع الاستثناء ، مضافا إلى بعض مناقشات أخر يتطرّق إليه كما يظهر للمتأمّل فيه.
هذا كلّه فيما لو كان التّعارض بين المتعارضات بنسبة واحدة بالعموم والخصوص.
وإن كانت النّسبة بينها بالعموم من وجه كما إذا ورد مثلا : « أكرم العلماء » ، و « لا تكرم الفسّاق » ، و « يستحبّ إكرام الشّعراء » ، فيتعارض الكلّ في العالم الفاسق الشّاعر ، كما يتعارض الأوّلان في العالم الفاسق الغير الشّاعر ، والأوّل مع الأخير في العالم العادل الشّاعر ، والثّاني معه في الفاسق الشّاعر الغير العالم.
فإن لم يكن هناك مرجّح أصلا بوجه من الوجوه فيحكم بالتّخيير في مادّة التّعارض مطلقا ـ من غير فرق بين التّعارض الثّلاثي ، أو الثّنائي على ما اخترناه
__________________
(١) مسالك الأفهام : ج ٥ / ١٥٥ ـ ١٥٨.
(٢) فرائد الأصول : ج ٤ / ١١٠.