والاعتضاد موجب للوثوق بصحّة أحد المتعارضين فيضعف معارضه » (١). انتهى كلامه رفع مقامه.
وهو كما ترى ، لا يخلو عن إجمال.
ثمّ إنّ الدّليل على اعتبار التّرجيح بالتّعاضد في غير موافقة الكتاب والسّنة هو ما عرفت من الكلّيّة المستفادة من أخبار العلاج ، وإلاّ فمجرّد عنوان التّعاضد لا يصلح علّة لتقديم المتعاضدين على الخبر المجرّد كما هو ظاهر. كما أنّه يعلم ممّا ذكرنا في حكم تعارض المرجّحات ـ من سنخ أو سنخين ـ حكم تعارض المعاضدات أيضا ، حتّى فيما كان أحدهما موافقا للكتاب والآخر موافقا للسّنة ، وحكم تعارض المعاضدات والمرجّحات فلا حاجة إلى بسط القول في ذلك كلّه.
(٣٢) قوله قدسسره : ( لكن يشكل التّرجيح بها ؛ من حيث إنّ مورد الأصول ... إلى آخره ). ( ج ٤ / ١٥١ )
أقول : قد يناقش فيما أفاده : بأنّ الأصل سواء كان شرعيّا محضا ، أو عقليّا كذلك ، أو له جهتان ، تعليقي بالنّسبة إلى الدّليل الاجتهادي ، وإن قيل باعتبار الأصل من باب الظّن ؛ فإنّه لم يعهد على هذا القول أيضا توهّم معارضة الأصل للدّليل الاجتهادي ، فالأولى استناد منع التّرجيح بالأصل إلى عدم شمول الكلّيّة المستفادة من أخبار الباب لما لا يوجب نفي الرّيب بالإضافة ، فلا يشمل التّرجيح بالأصل ولا بغيره من الأمور التّعبّديّة هذا.
مضافا إلى أنّ تخصيص أخبار التّخيير بما إذا كان مقتضى الأصل العملي هو
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٤٤٤ ـ ٤٤٥.