الفرض حكم واقعيّ إلهيّ ، إلاّ أنّه واقعيّ اضطراريّ كسائر الواقعيّات الاضطراريّة كالصّلاة في حالة الخوف أو المرض إذا لم يتمكّن من الإتيان بالقيام مثلا ، فهل يتوهّم أحد التّعارض بين حديثين دلّ أحدهما على وجوب الصّلاة قائما على الصّحيح والآخر على وجوبها قاعدا على المريض الغير المتمكّن من القيام فكذا بين حديثين دلّ أحدهما على وجوب الوضوء على طبق مذهب الشّيعة في حالة الاختيار وعدم التّقيّة ودلّ الآخر على وجوبه على طبق مذهب العامّة عند الابتلاء بهم؟ حاشا ثمّ حاشا.
وإن أراد منها : التّقيّة في مجرّد القول ، فإن جوّزنا الكذب على الإمام عليهالسلام عند الخوف والتّقيّة من الأعداء ـ كما نجوّزه لغيره ـ من جهة الضّرورة ، فيتوجّه عليه : أنّ مضمون الخبر على هذا ليس حكما أصلا وإن كان صدوره واجبا على الإمام عليهالسلام فلا يتعارض مع غيره.
وإن لم نجوّزه له وأوجبنا عليه التّورية كما هو الحقّ ـ وإن جوّزناه لغيره ـ فالمراد من الخبر الصّادر تقيّة وخوفا على هذا التّقدير أيضا حكم إلهيّ واقعيّ ، بل ربّما يكون واقعيّا اختياريّا فكيف يقع التّعارض بينه وبين غيره؟ فإذا ورد عن الإمام عليهالسلام ما دلّ على حرمة التّمتّع وكان مراده حرمته بدون رضا الزّوجة مثلا ، فلا يعارض ما دلّ على جوازه مع اجتماع ما يعتبر في العقود من رضا المتعاقدين وغيره.
وأمّا ما أورده على الوجه الأوّل لعدم إمكان التّعارض في المختلفين : فيتوجّه عليه : بأنّ عدم التّقاوم في الفرض ليس من جهة ترجيح القطعي على الظّني مع تعارضهما ، بل من جهة عدم إمكان التّعارض بينهما ؛ لأنّ أصل الكشف الظّني