ولو نوعا على ما هو التّحقيق أو اعتباره على ما تقضي به ضرورة العقل والوجدان مقيّد بعدم القطع على الخلاف فليستا في مرتبة واحدة حتّى يمكن التّعارض بينهما.
وأمّا ما أورده على الوجه الثّاني : فيتوجّه عليه أيضا ما يتوجّه على إيراده على الوجه الأوّل.
وأمّا قياسه المقام بالظّنيين واستكشاف حكمه منهما : فيتوجّه عليه : بأنّ إرادة الشّأني منهما أو الفعلي والشّأني ممّا لا غبار عليه أصلا ؛ لأنّ الغرض من حصر التّعارض في الظّنيين ليس إمكانه في جميع صوره ، بل تحقّقه فيهما في مقابل القطعيّين والمختلفين من القطعي والظّني.
وممّا ذكرنا كلّه يظهر : تطرّق المناقشة إلى التّرقي الّذي ذكره أخيرا بقوله :
( بل التّحقيق إمكان التّعارض بين القطعيّين بهذا المعنى أيضا ) لما صرّح به شيخنا الأستاذ العلاّمة قدسسره في « الكتاب » : من أنّ اعتبار القطعي بهذا المعنى على تقدير وجوده في الشّرعيّات لا بدّ فيه من التماس قيام الدّليل عليه ؛ فإنّه كالظّني كما هو ظاهر ، واعتبار الأدلّة القطعيّة عندهم على ما عرفت مستند إلى نفس إفادتها القطع لا إلى شيء آخر.
وممّا ذكرنا يظهر : تطرّق المناقشة إلى ما أفاده في حكم المقام في « الفصول » فإنّه قريب إلى ما أفاده الفاضل المتقدّم ذكره في « المناهج ». قال :
« ولا يقع التّعارض بين الدّليلين القطعيّين. أعني : المفيدين للقطع بمؤدّاهما بالفعل سواء كانا عقليّين أو سمعيّين أو كان أحدهما عقليّا والآخر سمعيّا ؛ لأدائه إلى الجمع بين المتنافيين بحسب المعتقد ، إلاّ أن يكون المعتقد جاهلا بالتّنافي