فدست إليه أبياتا :
قل للأمير الذي يخشى بوادره |
|
ما لي وللخمر أو نصر بن حجاج |
إني بليت أبا حفص بغيرهما |
|
شرب الحليب وطرف فاتر ساجي |
لا تجعل الظن حقا أو تبينه |
|
إن السبيل سبيل الخائف الراجي |
ما منية قلتها عرضا بضائرة |
|
والناس من هالك قدما ومن ناجي |
إن الهوى رمية التقوى فقيده |
|
حفظي أقر بألجام وأسراجي(١) |
فبكى عمر ، وقال : الحمد لله الذي قيد الهوى بالتقوى.
وكان لنصر أم فأتى عليه حين واشتد عليها غيبة ابنها ، فتعرضت لعمر بين الأذان والإقامة ، فقعدت له على الطريق ، فلما خرج يريد الصلاة هتفت به وقالت : يا أمير المؤمنين! لأجاثينك (٢) غدا بين يدي الله عز وجل ، ولأخاصمنك إليه ، أجلست عاصما (٣) وعبد الله إلى جانبيك وبيني وبين ابني الفيافي (٤) والقفار والمفاوز والأميال (٥)؟!. قال : من هذه؟. قيل : أم نصر بن الحجاج. فقال لها : يا أم نصر! إن عاصما وعبد الله لم يهتف بهما العواتق من وراء الخدور.
قال (٦) : وروى عبد الله بن يزيد (٧) ، قال : بينا عمر يعس ذات ليلة إذ (٨) انتهى إلى باب مجاف وامرأة تغني بشعر :
__________________
(١) جاء البيت في المصدر هكذا :
إن الهوى رعية التقوى تقيده |
|
حتى أقر بألجام وأسراج |
(٢) قال في القاموس ٤ ـ ٣١١ : جثا ـ كدعا ورمى ـ جثوا وجثيا ـ بضمهما ـ : جلس على ركبتيه أو قام على أطراف أصابعه ، وأجثاه غيره. ومثله في مجمع البحرين ١ ـ ٨١.
(٣) في شرح النهج : يبيت عاصم.
(٤) الفيافي : الصحاري التي لا ماء فيها ، كما في القاموس ٣ ـ ١٨٢ ، ومثله في الصحاح ٤ ـ ١٤١٣.
(٥) في المصدر : الجبال ، بدلا من : الأميال.
(٦) قال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ١٢ ـ ٢٧ بتصرف يسير.
(٧) في المصدر : عبد الله بن بريدة.
(٨) لا توجد : إذ ، في شرح النهج.