قال : فهل فيكم أحد قال للعين وقد غاضت : انفجري! فانفجرت ، فشرب منها القوم وأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمون معه فشرب وشربوا وشربت خيلهم وملئوا رواياهم ، غيري؟!. قالوا : لا.
قال : فهل فيكم أحد أعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله حنوطا من حنوط الجنة ، قال : اقسم هذا أثلاثا ، ثلثا لي حنطني به ، وثلثا لابنتي ، وثلثا لك ، غيري؟!. قالوا : لا.
قال : .. فما زال يناشدهم ويذكر لهم ما أكرمه الله تعالى وأنعم عليه به حتى قام قائم الظهيرة ودنت الصلاة ، ثم أقبل عليهم وقال : أما إذا أقررتم على أنفسكم وبان لكم من سببي الذي (١) ذكرت ، فعليكم بتقوى الله وحده ، وأنهاكم عن سخط الله فلا تعرضوا له (٢) ولا تضيعوا أمري ، وردوا الحق إلى أهله ، واتبعوا سنة نبيكم صلى الله عليه وآله وسنتي من بعده ، فإنكم إن خالفتموني خالفتم نبيكم فقد سمع ذلك منه جميعكم ، وسلموها إلى من هو لها أهل وهي له أهل ، أما والله ما أنا بالراغب في دنياكم ، ولا قلت ما قلت لكم افتخارا ولا تزكية لنفسي ، ولكن حدثت بنعمة ربي ، وأخذت عليكم بالحجة .. ونهض إلى الصلاة ، قال : فتوامر (٣) القوم فيما بينهم وتشاوروا ، فقالوا : قد فضل الله علي بن أبي طالب بما ذكر لكم ، ولكنه رجل لا يفضل أحدا على أحد ويجعلكم ومواليكم سواء ، وإن وليتموه إياها ساوى بين أسودكم وأبيضكم ، ووضع السيف على عاتقه ، ولكن ولوها عثمان فهو أقدمكم (٤) ميلادا ، وألينكم عريكة ، وأجدر أن يتبع مسرتكم (٥) ، والله رءوف رحيم.
__________________
(١) في ( ك ) : مزيتي التي .. وجعل ما في المتن نسخة بدل.
(٢) لا توجد في ( س ) : له.
(٣) في المصدر : فتأمر ، وهو الظاهر.
(٤) في ( س ) : فهو الله فكم ، ولا معنى لها.
(٥) في إرشاد القلوب : بسيرتكم.