سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه ولا خلونا بشيء فنبلغكه ، وقد رأيت كما رأينا ، وسمعت كما سمعنا ، وصحبت رسول الله صلى الله عليه وآله كما صحبنا ، وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطاب بأولى بعمل الحق منك ، وأنت أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وشيجة رحم منهما ، وقد نلت من صهره ما لم ينالا ، فالله .. الله في نفسك فإنك والله ما تبصر من عمي ولا تعلم من جهل ، وإن الطرق لواضحة وإن أعلام الدين لقائمة ، فاعلم أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل هدي وهدى فأقام سنة معلومة وأمات بدعة مجهولة ، وإن السنن لنيرة لها أعلام ، وإن البدع لظاهرة (١) لها أعلام ، وإن شر الناس عند الله إمام جائر ضل وضل به ، فأمات سنة مأخوذة وأحيا بدعة متروكة ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر فيلقى في جهنم فيدور فيها كما تدور الرحى ، ثم يرتبط في قعرها ، وإني أنشدك الله أن تكون (٢) إمام هذه الأمة المقتول (٣) ، فإنه كان يقال يقتل في هذه الأمة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة ، وتلبس (٤) أمورها عليها ويبث الفتن فيها فلا يبصرون الحق من الباطل يموجون فيها موجا ويمرجون فيها مرجا ، فلا تكونن (٥) لمروان سيقة يسوقك حيث شاء بعد جلال السن وتقضي العمر. فقال له عثمان : كلم الناس في أن يؤجلوني حتى أخرج إليهم من مظالمهم. فقال علي عليه السلام : ما كان بالمدينة فلا أجل فيه ، وما غاب فأجله وصول أمرك إليه (٦).
__________________
(١) في ( ك ) : الظاهرة.
(٢) في نهج ـ محمد عبده ـ : أن لا تكون.
(٣) في البحار ـ الحجري ـ : المقتولة.
(٤) في المصدر : يلبس.
(٥) في ( س ) : فلا تكون.
(٦) وانظر : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٩ ـ ٢٦١ ، وشرح ابن ميثم البحراني ٣ ـ ٣٠٢ ، ومنهاج البراعة ٢ ـ ١٢٧ ـ ١٣٢.