فيكون وجوبه حينئذ وجوبا شرعيا من باب متمم الجعل ، ويكفي في الدليل عليه الأدلة العامة الدالة على وجوب التفقه مثل آية النفر (١) ونحوها مثل حكاية الحساب بقولهم هلاّ تعلمت (٢) ونحو ذلك مما يستفاد منه وجوب التفقه ، فان ثبوت هذا الوجوب يكون مصححا لاستحقاق العقاب على المخالفة الناشئة عن الجهل المركب الناشئ عن التقصير في أصل التفقه والتعلم. ويلحق بذلك موارد الالتفات والشك في الحكم مع عدم إمكان الاحتياط ، كما عرفت من موارد دوران الأمر بين المحذورين على وجه لو كان قد تفقه لعرف أن الواقع هو الوجوب مثلا أو هو الحرمة. ومن ذلك ما لو عرف أنّ في البين حكما لكنه لا يعرفه ما هو مثل ما لو علم أنّ من أكل في نهار رمضان عامدا عليه شيء لكنه لا يعرفه ما هو على وجه لا يمكنه الاحتياط فيه لكثرة محتملاته ، بحيث إنه لو كان قد تفقّه وتصدى لتعلم الأحكام الشرعية لعرفه أنه الكفارة المخيرة ، فيكون ترك ذلك منه ولو قبل الابتلاء به بل قبل الابتلاء بوجوب الصوم موجبا لعدم قدرته على امتثاله ، فان لزوم مثل هذا التعلم ليس بملاك تنجز الأحكام بمجرد احتمالها بل هو بملاك متمم الجعل ، وهو داخل في كليات الأمر بالتفقه.
وهكذا الحال في أحكام الخلل في أبواب العبادات ومنها الصوم والحج والطهارات وأهمها الصلاة ، فان الملاك في الجميع واحد وهو توقف القدرة على امتثال تلك التكاليف على ذلك التعلم والتفقه ، أو هو كون الأحكام الواقعية لغوا بدون ذلك التعلم.
__________________
(١) التوبة ٩ : ١٢٢.
(٢) بحار الأنوار ٢ : ٢٩ / ١٠ و ١٨٠ / ٣ ونصّه : « أفلا تعلّمت ».