قوله : الرابع : أن كل واحد من الواجبين واجب تعيينا إلاّ أن أحدهما يسقط بفعل الآخر ـ إلى قوله : ـ فيكون كل منهما مشروطا بعدم الاتيان بمتعلق الآخر ... الخ (١).
الظاهر أن هذا إشارة إلى ما في الكفاية (٢) ولكن صاحب الكفاية صرح بأن كل واحد منهما يكون واجبا بنحو من الوجوب يستكشف عنه تبعاته من عدم جواز تركه إلاّ إلى الآخر ، وحينئذ يكون الوجوب التخييري الناشئ عن الملاكين مختلفا بالهوية مع الوجوب التعييني ، وبقول بعضهم إن مرجع التعييني إلى سدّ جميع أبواب العدم ، ومرجع التخييري إلى سدّ أبواب العدم إلاّ العدم المقارن لوجود العدل الآخر. كما أنه صرح بأنه ليس الواجب كل واحد منهما مع السقوط بفعل أحدهما ، ولازمه أن لا يكون وجوب كل منهما مشروطا بعدم الآخر.
والخلاصة : أن كون الوجوب التخييري مختلفا بالهوية مع الوجوب التعييني ، وكون وجوب كل واحد منهما مشروطا بعدم الآخر ، وكون كل واحد منهما مسقطا لوجوب الآخر ، مبان مختلفة لا يكون أحدها راجعا إلى الآخر.
وتفصيل ذلك : أن التزاحم في الملاكات إذا كان مأموريا مثل إنقاذ أحد الغريقين ، كان خارجا عمّا نحن فيه من دعوى التخيير الشرعي ، وكان منتجا لحكم العقل بتقديم ما هو الأقوى ملاكا ، وإن لم يكن في البين ما هو الأقوى كان الخطاب بكل منهما مشروطا بحكم العقل بعدم الاتيان بالآخر ،
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٦٤ [ مع اختلاف يسير عمّا في النسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) كفاية الاصول : ١٤١.