الأقل بحدّه بل هو ذات الأقل ، وليس ذلك إلاّ الماهية لا بشرط ، فلاحظ.
ثم إنّه بعد أن رجع التخيير بين الأقل والأكثر إلى التخيير بين الحدين نقول إن ذلك التخيير إن كان ناشئا عن ملاك واحد يقوم به كل من الحدين كان الوجوب في الحقيقة متعلقا بالقدر الجامع بين الحدين وهو الماهية لا بشرط القسمي ، فانها وإن كانت مباينة لكل من الحدين لحاظا إلاّ أنها وجودا قدر جامع بين الحدين. وإن كان ناشئا عن ملاكين ، ملاك يقوم به الماهية بحدها الأقلي ، وملاك آخر يقوم به الماهية بحدّها الأكثري ، وحينئذ يتأتى فيه ما قدّمناه (١) في التخيير الناشئ عن ملاكين.
ثم بعد هذا يقع الكلام في كيفية حصول المكلف على الحدّ الأوّل أو على الحد الثاني. وشيخنا قدسسره جعل ذلك مراعى بالخروج عن محل ذلك الواجب ، بأن يركع في مورد التخيير بين التسبيحات في قيام الركعة الثالثة أو الرابعة ، وكذلك رفع رأسه من الركوع بالنسبة إلى ذكر الركوع المفروض كون المكلف مخيرا فيه بين الأقل والأكثر. وذلك لا يخلو عن إشكال ، من جهة أن الماهية بحدها الأقلي لا يكفي فيها مجرد الاتيان بالذكر الواحد ورفع الرأس ، بل ان ذلك هو الماهية لا بشرط ، غايته أنه انطبق على ذلك الوجود المقرون بالعدم ، وإن كان دفع ذلك الاشكال واضحا ، لما عرفت من أن المراد بالأقل هو الأقل الخارجي ، وهو حاصل بوجود الذكر الواحد مع عدم إلحاق الزائد ، وليس المراد هو الأقل المفهومي ، فلاحظ.
وقد عرفت (٢) إمكان الحصول على كل من الحدين بالنية ، وأنه ربما نافاه كون التخيير استمراريا ، لأن مقتضاه إمكان قلب ما تقدم من الماهية
__________________
(١) في صفحة : ٢٦٨ وما بعدها.
(٢) في صفحة : ٢٧٨.