ولا يتوجه عليه ما تقدم (١) ذكره من أن ذوق المتشرعة لا يساعد على كون الفاقد مساويا للواجد ، لأنهم بعد اطلاعهم على أن الشارع قد أمره بالفاقد في حال تعذره حتى في صورة العلم بأنّه يتمكن من القيد بعد ذلك ، يستكشفون قهرا أن ذلك الفاقد واجد لتمام المصلحة التي ينالها عند التمكن من القيد. لكن فعلا لم أعثر على مثال يكون الأمر الاضطراري فيه من هذا القبيل ، بمعنى أنه يتوجه في حال تعذر القيد مع فرض العلم بارتفاع التعذر بعد ذلك في باقي الوقت ، حتى في مثل الطهارة المائية ، فانهم لا يسوّغون البدار فيها لمن كان عالما بأنه يتمكن من الماء في باقي الوقت وإن سوّغوه في صورة الاحتمال ، هذا كله فيما لا يكون لذلك القيد مصلحة أصلا ، ولم يكن له أثر إلاّ مجرد توقف مصلحة الصلاة على وجوده.
أما لو كان له مصلحة في حد نفسه بأحد الأنحاء الثلاثة المتقدمة من المصلحة الضمنية أو المصلحة في التقيد به أو المصلحة الزائدة في الفعل بسببه ، بأن كانت مصلحة الصلاة الواجدة له في حال التمكن بدرجة عشرين ، وكان خمسة منها لاحقة لذات القيد أو لتقيده ، أو أنها تزيد في مصلحة الصلاة بسببه ، فانا وإن فرضنا أن مصلحة الصلاة التي هي خمس عشرة لا تكون متوقفة على وجوده في حال تعذره في أوّل الوقت حتى مع فرض التمكن منه في باقي الوقت ، وكان لازمه أنه لو أتى بالصلاة في ذلك الوقت تكون مسقطة لأمرها ووافية بمصلحة نفسها ، وأنه لا مجال لاعادتها بعد ذلك إلاّ بأمر جديد ، إلاّ أن ذلك كله إنما يتم لو توجه الأمر الاضطراري
__________________
(١) في صفحة : ٣٦٩.