بالأفراد في هاتين المسألتين ليس هو التشخص بالمعنى المذكور ، أعني ما يكون في مرتبة علة وجود الماهية ، بل المراد به نفس وجود الماهية.
الثالث : أنه لا ريب في أن الطوارئ الأخر الزائدة على أصل وجود الطبيعة أجنبية عن نفس وجودها ، وإنما هي مقارنات أو ملازمات أخر يكون كل واحد منها وجودا لطبيعة وماهية اخرى ، وليس مراد القائلين بأن الموجود هو أفراد الكلي الطبيعي هو هذه الجهات الزائدة على أصل وجود الكلي الطبيعي ، بل المراد به هو نفس الوجود بما أنّه مضاف إلى تلك الطبيعة. كما أنه ليس المراد للقائلين بتعلق الأوامر بالأفراد هو كون مجمع العناوين مطلوبا من قرنه إلى قدمه ، بل المراد أن المطلوب هو الفرد من حيث إنه فرد لنفس الطبيعة ، أعني وجود تلك الطبيعة بما أنه وجود لها ، لا بما أنه وجود لها ولغيرها من الطبائع.
الرابع : أنك بعد أن عرفت أن الفرد هو عين تشخص الطبيعة وتشخصها عين وجودها ، وأن الجهات الزائدة على أصل وجود الطبيعة تكون وجودات وأفرادا لطبائع اخرى ، يتضح لك أنه لا معنى للقول بأن الموجود هو الفرد ، فان لازم ذلك أن يكون للوجود وجود ، كما أنه يتضح لك أنه لا معنى للقول بأن الطلب لا يتعلق بالطبيعة وأنه إنما يتعلق بالأفراد ، لأن الفرد حينئذ هو عين وجود الطبيعة ، ولا معنى لتعلق الطلب بالطبيعة إلاّ طلب إيجادها ، ولا معنى لطلب إيجادها إلاّ طلب خلق ذلك الوجود وإفاضته عليها ، وحينئذ يكون تعلق الطلب بالطبيعة عبارة اخرى عن تعلقه بوجودها ، وتعلقه بوجودها هو عين تعلقه بتشخصها ، وتشخصها هو عين وجودها ، ووجود الطبيعة هو عين فردها ، فلا فرق بين القول بتعلق الأوامر بالطبائع أو تعلقه بالأفراد.