للباعثية ولا يسقط إلا بالفراغ من الجزء الأخير ، فلا يكون في البين شرط متأخر حتى بالنسبة إلى الصحة وإسقاط الأمر.
ومن ذلك يظهر أنه لا مورد لنا من هذه الموارد تدخله شبهة الشرط المتأخر كي نحتاج إلى التخلص منها بأخذ العنوان المنتزع الذي لعله راجع إلى الشرط المتأخر ، فان العنوان المنتزع من المتأخر يكون تحققه منوطا بذلك المتأخر فلا يكون خاليا من شبهة تأثير المتأخر في المتقدم.
وأما مثل طي المسافة بالنسبة إلى الكون في مسجد الكوفة فانا وإن ذكرنا أنه تأتي فيه شبهة الشرط المتأخر باعتبار بقاء الحياة إلى الفراغ من طي المسافة والوصول إلى باب المسجد ، فان ذلك شرط في توجه التكليف بالكون فيه ، وهو أعني وجوب الكون شرط في وجوب طي المسافة ، لكن لا يخفى ما فيه ، فانه موجب لعدم وجوب الكون قبل طي المسافة ، ولا يصح لنا القول بتحقق وجوب المقدمة بالعنوان المنتزع من وجوب ذيها المفروض تأخره إلى الحياة حينه ، بل لا بد لنا من القول بأن نفس الكون واجب فعلا وهو مقدور بالقدرة على سببه الذي هو طي المسافة ، إذ أن وجوب الكون لم يكن مشروطا ببقاء الحياة إلى تمامية طي المسافة. نعم إن وجوبه مشروط بالقدرة على سببه الذي هو طي المسافة وذلك حاصل فعلا ، وليست الحياة بنفسها شرطا إلاّ باعتبار كونها محققة للقدرة.
وإن شئت فقل : إن الكون ومقدمته واجبان ، غايته أن وجوب المقدمة معلول لوجوب ذيها ، والوجوبان حاصلان فعلا وهما مشروطان بالقدرة والحياة من أول الشروع فيهما إلى الفراغ ، وذلك أعني الحياة والقدرة حاصلان من أول الشروع إلى الفراغ ، ففي كل آن هو حيّ وقادر فيجب