عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لما فرغ علي عليهالسلام من قتال أهل البصرة وضع قتبا على قتب (١) ثم صعد عليه فخطب فحمد الله وأثنى عليه فقال:
يا أهل البصرة يا أهل المؤتفكة (٢) يا أهل الداء العضال (٣) أتباع البهيمة (٤) ـ يا جند المرأة (٥) رغا فأجبتم (٦) وعقر فهربتم ماؤكم زعاق (٧) ودينكم نفاق وأخلاقكم دقاق ثم نزل يمشي بعد فراغه من خطبته فمشينا معه فمر بالحسن البصري وهو يتوضأ فقال:
يا حسن أسبغ الوضوء فقال يا أمير المؤمنين لقد قتلت بالأمس أناسا يشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله يصلون الخمس ويسبغون الوضوء فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام فقد كان ما رأيت فما منعك أن تعين علينا عدونا؟
فقال والله لأصدقنك يا أمير المؤمنين لقد خرجت في أول يوم فاغتسلت وتحنطت وصببت علي سلاحي وأنا لا أشك في أن التخلف عن أم المؤمنين عائشة هو الكفر فلما انتهيت إلى موضع من الخريبة ناداني مناد يا حسن إلى أين؟ ارجع فإن القاتل والمقتول في النار فرجعت ذعرا وجلست في بيتي فلما كان في اليوم الثاني لم أشك أن التخلف عن أم المؤمنين عائشة هو الكفر فتحنطت وصببت علي سلاحي ـ وخرجت أريد القتال حتى انتهيت إلى موضع من الخريبة فناداني مناد من خلفي يا حسن إلى أين؟ ارجع مرة بعد أخرى فإن القاتل والمقتول في النار.
قال علي عليهالسلام صدقك أفتدري من ذلك المنادي؟ قال لا.
قال عليهالسلام ذاك أخوك إبليس وصدقك أن القاتل والمقتول منهم (٨) في النار فقال الحسن البصري الآن عرفت يا أمير المؤمنين أن القوم هلكى
وعن يحيى الواسطي (٩) قال لما افتتح أمير المؤمنين عليهالسلام اجتمع الناس عليه وفيهم الحسن البصري
__________________
(١) القنب ـ بالتحريك ـ رحل البعير.
(٢) المؤتفكة : المنقلبة قال تعالى ـ في قرى قوم لوط التي انقلبت بأهلها ـ : والمؤتفكة أهوى ، وفي الحديث : البصرة إحدى المؤتفكات.
(٣) الداء العضال ـ بعين مضمومة ـ : المرض الصعب الشديد الذي يعجز عنه الطبيب.
(٤) يريد : الجمل الذي ركبته عائشة.
(٥) يريد عائشة.
(٦) رغا فأجبتم أي الجمل رغا والرغاء ـ كغراب ـ : صوت ذوات الخف وقد رغا البعير يرغو رغاء إذا ضج ورغت الناقة صوتت فهي راغية.
(٧) الزعاق ـ كغراب ـ : الماء المر الغليظ الذي لا يطاق شربه.
(٨) أي : القاتل والمقتول من أصحاب الجمل في النار.
(٩) أبو يحيى الواسطي واسمه سهيل بن زياد الواسطي له كتاب لقي أبا محمد العسكري. أمه بنت محمد بن نعمان أبي جعفر لأحول الملقب بمؤمن الطاق المتكلم المشهور. رجال الشيخ ص ٤٧٦ رجال النجاشي ص ١