فويل ثم ويل ثم ويل |
|
لمن يلقى الإله غدا بظلمي (١) |
أنا الرجل الذي لا تنكروه |
|
ليوم كريهة أو يوم سلم |
فقال معاوية أخفوا هذا الكتاب لا يقرأه أهل الشام فيميلوا إلى ابن أبي طالب عليهالسلام.
وروي عن الصادق عليهالسلام أنه قال : لما قتل عمار بن ياسر (٢) ارتعدت فرائص خلق كثير وقالوا :
__________________
(١) وفي بعض النسخ : « لمن يريد القيامة وهو خصمي ».
(٢) عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة المذحجي ثم العنسي ، أبو اليقظان حليف بني مخزوم ، وأمه سمية وهي أول من استشهد في سبيل الله طعنها أبو جهل في قلبها فاستشهدت وهو وأبوه وأمه من السابقين الأولين إلى الإسلام.
كان من المستضعفين ، وعذب في الله عذابا شديدا. أحرقه المشركون بالنار فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يمر به ويمر يده على رأسه ويقول : « يا نار كوني بردا وسلاما على عمار ، كما كنت على إبراهيم (عليهالسلام) ».
عن عثمان بن عفان قال : أقبلت أنا ورسول الله صلىاللهعليهوآله آخذ بيدي نتماشى في البطحاء حتى أتينا على أبي عمار وعمار وأمه وهم يعذبون ، فقال ياسر : الدهر هكذا!! ». فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : « اصبر اللهم اغفر لآل ياسر ، وقال وقد فعلت » وروى أن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) مر بعمار وأهله وهم يعذبون في الله فقال : « أبشروا آل عمار فان موعدكم الجنة ».
قال الطبرسي في قوله تعالى : « إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان » إنها نزل في جماعة اكرهوا وهم عمار وياسر وأبوه وأمه سمية وصهيب وبلال وخباب عذبوا وقتل أبو عمار وأمه فأعطاهم بلسانه ما أرادوا منه ، ثم أخبر بذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال قوم : « كفر عمار » فقال (صلىاللهعليهوآله) : « كلا إن عمارا مليء إيمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه ».
وجاء عمار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يبكي فقال (صلىاللهعليهوآله) : ما وراك؟ قال يا رسول الله ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوآله يمسح عينيه ويقول : « إن عادوا لك فعد لهم » فنزلت الآية.
وشهد بدرا ولم يشهدها ابن مؤمنين غيره وشهد أحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : « أبشر يا أبا اليقظان فإنك أخو علي في ديانته ومن أفاضل أهل ولايته ومن المقتولين في محبته تقتلك الفئة الباغية وآخر زادك من الدنيا ضياح من لبن ».
وعن علي عليهالسلام قال : جاء عمار يستأذن على النبي صلىاللهعليهوآله فقال : « ائذنوا له مرحبا بالطيب المطيب » وقال علي عليهالسلام فيه : ذاك امرؤ حرم الله لحمه ودمه على النار وأن تمس شيئا منهما.
وكان رحمهالله من كبار الفقهاء ، وكان طويل الصمت ، طويل الحزن والكآبة ، وكان عامة كلامه عائذا بالله من فتنة.
وقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عمار ستكون بعدي فتنة فإذا كان كذلك فاتبع عليا (عليهالسلام) وحزبه فانه مع الحق والحق معه ، يا عمار إنك ستقاتل مع علي صنفين الناكثين والقاسطين ثم تقتلك « الفئة الباغية » قلت : يا رسول الله أليس ذلك على رضا الله ورضاك قال :
نعم على رضا الله ورضاي ، ويكون آخر زادك شربة من لبن تشربه ، فلما كان يوم صفين خرج عمار بن ياسر إلى أمير المؤمنين (عليهالسلام) فقال له يا أخا رسول الله صلىاللهعليهوآله أتأذن لي في القتال؟ قال : مهلا رحمك الله ، فلما كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام ، فأجابه بمثله ، فأعاده ثالثا فبكى أمير المؤمنين (عليهالسلام) فنظر إليه عمار فقال : يا أمير المؤمنين إنه اليوم الذي وصف لي رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ فنزل أمير المؤمنين عن بغلته وعانق عمارا وودعه ، ثم قال : يا أبا اليقظان جزاك الله عن الله وعن نبيك خيرا فنعم الأخ كنت ونعم الصاحب كنت ، ثم بكى وبكى عمار ثم برز إلى القتال فقاتل حتى قتل رحمهالله فأتاه أمير المؤمنين (عليهالسلام) وقال : انا لله وانا إليه راجعون ان امرأ لم يدخل عليه مصيبة من قتل عمار فما هو في الإسلام من شيء ثم صلى عليه ثم قال :
ألا أيها الموت الذي ليس تاركي |
|
أرحني فقد أفنيت كل خليل |
أراك بصيرا بالذين أحبهم |
|
كأنك تمضي نحوهم بدليل |
وفي خبر انه اتى يومئذ بلبن فضحك ثم قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله : آخر شراب تشربه من الدنيا مذقة من لبن حتى تموت وقال : والله لو ضربونا حتى بلغونا سعفات هجر لعلمت اننا على الحق وانهم على الباطل. ثم قتل رضياللهعنه قتله أبو العادية ( لع ) واحتز رأسه أبو الجوى السكسكي وكان عمره « ره » يوم قتل (٩٤) سنة.
راجع صفة الصفوة ج ١ ص ١٧٥ أسد الغابة ج ٤ ص ٤٣ سفينة البحار ج ٢ ص ٢٧٥.