لا تصلح إلا لنبي أو وصي نبي فأكل منها صلىاللهعليهوآله وأكلنا معه وإني لأجد حلاوتها ساعتي هذه.
قال اليهودي فهذا نوح عليهالسلام صبر في ذات الله تعالى فأعذر قومه إذ كذب؟
قال له علي عليهالسلام لقد كان كذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله صبر في ذات الله عز وجل فأعذر قومه إذ كذب وشرد وحصب بالحصى وعلاه أبو لهب بسلا ناقة وشاة فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جابيل ملك الجبال أن شق الجبال وانته إلى أمر محمد فأتاه فقال إني أمرت لك بالطاعة فإن أمرت أن أطبق عليهم الجبال فأهلكتهم بها قال صلىاللهعليهوآله إنما بعثت رحمة رب اهد أمتي فإنهم لا يعلمون ويحك يا يهودي إن نوحا لما شاهد غرق قومه رق عليهم رقة القربة وأظهر عليهم شفقة فقال : ( رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ) (١) فقال الله تعالى ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) (٢) أراد جل ذكره أن يسليه بذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله لما غلبت عليه من قومه المعاندة شهر عليهم سيف النقمة ولم تدركه فيهم رقة القرابة ولم ينظر إليهم بعين رحمة.
فقال اليهودي فإن نوحا دعا ربه فهطلت السماء ( بِماءٍ مُنْهَمِرٍ )؟
قال له عليهالسلام لقد كان كذلك وكانت دعوته دعوة غضب ومحمد صلىاللهعليهوآله هطلت له السماء بماء منهمر رحمة وذلك أنه صلىاللهعليهوآله لما هاجر إلى المدينة أتاه أهلها في يوم جمعة فقالوا له يا رسول الله صلىاللهعليهوآله احتبس القطر واصفر العود وتهافت الورق فرفع يده المباركة حتى رئي بياض إبطه وما ترى في السماء سحابة فما برح حتى سقاهم الله حتى إن الشاب المعجب بشبابه لهمته نفسه في الرجوع إلى منزله فما يقدر على ذلك من شدة السيل فدام أسبوعا فأتوه في الجمعة الثانية فقالوا يا رسول الله تهدمت الجدر واحتبس الركب والسفر فضحك صلىاللهعليهوآله وقال هذه سرعة ملالة ابن آدم ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم في أصول الشيح ومراتع البقع (٣) فرئي حوالي المدينة المطر يقطر قطرا وما يقع بالمدينة قطرة لكرامته صلىاللهعليهوآله على الله عز وجل.
قال له اليهودي فإن هذا هود قد انتصر الله له من أعدائه بالريح فهل فعل لمحمد صلىاللهعليهوآله شيئا من هذا؟
قال له علي عليهالسلام لقد كان كذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله أعطي ما هو أفضل من هذا إن الله عز وجل قد انتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق إذ أرسل عليهم ريحا تذرو الحصى وجنودا لم يروها فزاد الله تعالى محمدا صلىاللهعليهوآله بثمانية ألف ملك وفضله على هود بأن ريح عاد ريح سخط وريح محمد ريح رحمة قال الله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً
__________________
(١) هود ـ ٤٥.
(٢) هود ـ ٤٦.
(٣) الشيخ نبات أنواعه كثيرة ، كل طيب الرائحة. والمراتع جمع مرتع وهو موضع الرتع أي : الخصب. والبقع جمع بقعة : القطعة من الأرض.