وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها ) (١)
قال له اليهودي فهذا صالح أخرج الله له ناقة جعلها لقومه عبرة؟
قال علي عليهالسلام لقد كان كذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله أعطي ما هو أفضل من ذلك إن ناقة صالح لم تكلم صالحا ولم تناطقه ولم تشهد له بالنبوة ومحمد صلىاللهعليهوآله بينما نحن معه في بعض غزواته إذ هو ببعير قد دنا ثم رغا فأنطقه الله عز وجل فقال يا رسول الله فلان استعملني حتى كبرت ويريد نحري فأنا أستعيذ بك منه فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى صاحبه فاستوهبه منه فوهبه له وخلاه ولقد كنا معه فإذا نحن بأعرابي معه ناقة له يسوقها وقد استسلم للقطع لما زور عليه من الشهود فنطقت الناقة فقالت يا رسول الله إن فلانا مني بريء وإن الشهود يشهدون عليه بالزور وإن سارقي فلان اليهودي.
قال له اليهودي فإن هذا إبراهيم قد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى وأحاطت دلالته بعلم الإيمان؟
قال له علي عليهالسلام لقد كان كذلك وأعطي محمد أفضل منه وتيقظ إبراهيم وهو ابن خمس عشرة سنة ومحمد ابن سبع سنين قدم تجار من النصارى فنزلوا بتجارتهم بين الصفا والمروة فنظر إليه بعضهم فعرفه بصفته ورفعته وخبر مبعثه وآياته فقالوا :
يا غلام ما اسمك؟ قال محمد قالوا ما اسم أبيك؟ قال عبد الله.
قالوا ما اسم هذه وأشاروا بأيديهم إلى الأرض قال الأرض قالوا وما اسم هذه وأشاروا بأيديهم إلى السماء قال السماء قالوا فمن ربهما قال الله ثم انتهرهم وقال أتشككوني في الله عز وجل؟
ويحك يا يهودي لقد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله عز وجل مع كفر قومه إذ هو بينهم يستقسمون بالأزلام ويعبدون الأوثان وهو يقول لا إله إلا الله.
قال له اليهودي ـ فإن إبراهيم عليهالسلام حجب عن نمرود بحجب ثلاث؟
قال علي عليهالسلام لقد كان كذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله حجب عمن أراد قتله بحجب خمس فثلاثة بثلاثة واثنان فضل قال الله عز وجل وهو يصف أمر محمد صلىاللهعليهوآله : ( وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا ) فهذا الحجاب الأول : ( وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا ) فهذا الحجاب الثاني : ( فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ) (٢) فهذا الحجاب الثالث ثم قال ( إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً ) (٣) ـ فهذا الحجاب الرابع ثم قال ( فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ) فهذه حجب خمس.
قال له اليهودي فإن هذا إبراهيم قد بهت الذي كفر ببرهان نبوته؟
__________________
(١) التوبة ـ ٢٦.
(٢) يس ـ ٩.
(٣) الإسراء ـ ٤٥.