من محمد (١)؟ قال ويحكم اعذروني إنه لما أقبل رأيت عن يمينه رجالا معهم (٢) حراب تتلألأ ـ وعن يساره ثعبانين تصطك أسنانهما وتلمع النيران من أبصارهما لو امتنعت لم آمن أن يبعجوا بالحراب بطني (٣) وتقضمني الثعبانان.
هذا أكبر مما أعطي موسى وزاد الله محمدا ثعبانا وثمانية أملاك معهم الحراب ولقد كان النبي صلىاللهعليهوآله يؤذي قريشا بالدعاء فقام يوما فسفه أحلامهم وعاب دينهم وشتم أصنامهم وضلل آباءهم فاغتموا من ذلك غما شديدا فقال أبو جهل والله للموت خير لنا من الحياة فليس فيكم معاشر قريش أحد يقتل محمدا فيقتل به؟ قالوا لا قال فأنا أقتله فإن شاءت بنو عبد المطلب قتلوني به وإلا تركوني قالوا إنك إن فعلت ذلك اصطنعت إلى أهل الوادي معروفا لا تزال تذكر به قال إنه كثير السجود حول الكعبة فإذا جاء وسجد أخذت حجرا فشدخته (٤) به.
فجاء رسول الله صلىاللهعليهوآله فطاف بالبيت أسبوعا ثم صلى وأطال السجود فأخذ أبو جهل حجرا فأتاه من قبل رأسه فلما أن قرب منه أقبل فحل من قبل رسول الله صلىاللهعليهوآله فاغرا فاه نحوه فلما أن رآه أبو جهل فزع منه وارتعدت يده وطرح الحجر فشدخ رجله فرجع مدمى متغير اللون يفيض عرقا.
فقال له أصحابه ما رأيناك كاليوم قال ويحكم اعذروني ـ فإنه أقبل من عنده فحل فاغرا فاه فكاد يبتلعني فرميت بالحجر فشدخت رجلي.
قال اليهودي فإن موسى قد أعطي اليد البيضاء فهل فعل بمحمد شيئا من ذلك؟
قال له علي عليهالسلام لقد كان كذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله أعطي ما هو أفضل من هذا إن نورا كان يضيء عن يمينه حيثما جلس وعن يساره حيثما جلس وكان يراه الناس كلهم.
قال له اليهودي فإن موسى عليهالسلام قد ضرب له طريق في البحر فهل فعل بمحمد شيء من هذا؟
فقال له علي عليهالسلام لقد كان كذلك ومحمد أعطي ما هو أفضل من هذا خرجنا معه إلى حنين فإذا نحن بواد يشخب فقدرناه فإذا هو أربع عشرة قامة فقالوا يا رسول الله العدو وراءنا والوادي أمامنا كما قال أصحاب موسى ( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) فنزل رسول الله ثم قال ـ اللهم إنك جعلت لكل مرسل دلالة فأرني قدرتك وركب صلىاللهعليهوآله فعبرت الخيل لا تندى حوافرها والإبل لا تندى أخفافها فرجعنا فكان فتحنا.
قال له اليهودي فإن موسى عليهالسلام قد أعطي الحجر ( فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً ).
قال علي عليهالسلام لقد كان كذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله لما نزل الحديبية وحاصره أهل مكة قد أعطي ما هو أفضل من ذلك وذلك أن أصحابه شكوا إليه الظمأ ـ وأصابهم ذلك حتى التقت خواصر الخيل ،
__________________
(١) فرقا : فرعا.
(٢) يبعجوا ـ بفتح العين ـ يشقوا.
(٣) في بعض النسخ : « بأيديهم ».
(٤) الشدخ : كسر الشيء الأجوف.