فذكروا له صلىاللهعليهوآله فدعا بركوة يمانية ثم نصب يده المباركة فيها فتفجرت من بين أصابعه عيون الماء فصدرنا وصدرت الخيل رواء وملأنا كل مزادة وسقاء.
ولقد كنا معه بالحديبية فإذا ثم قليب جافة فأخرج عليهالسلام سهما من كنانته فناوله البراء بن عازب وقال له اذهب بهذا السهم إلى تلك القليب الجافة فاغرسه فيها ففعل ذلك فتفجرت اثنتا عشرة عينا من تحت السهم.
ولقد كان يوم الميضاة عبرة وعلامة للمنكرين لنبوته كحجر موسى حيث دعا بالميضاة ـ فنصب يده فيها فغاضت الماء وارتفع حتى توضأ منه ثمانية آلاف رجل فشربوا حاجتهم وسقوا دوابهم وحملوا ما أرادوا.
قال اليهودي فإن موسى عليهالسلام أعطي ( الْمَنَّ وَالسَّلْوى ) فهل أعطي لمحمد نظير هذا.
قال له علي عليهالسلام لقد كان كذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله أعطي ما هو أفضل من هذا إن الله عز وجل أحل له الغنائم ولأمته ولم تحل الغنائم لأحد غيره قبله فهذا أفضل من المن والسلوى ثم زاده أن جعل النية له ولأمته بلا عمل عملا صالحا ـ ولم يجعل لأحد من الأمم ذلك قبله فإذا هم أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرة.
قال له اليهودي إن موسى عليهالسلام قد ظلل عليه الغمام؟
قال له علي عليهالسلام لقد كان كذلك وقد فعل ذلك بموسى في التيه وأعطي محمد صلىاللهعليهوآله أفضل من هذا إن الغمامة كانت تظله من يوم ولد إلى يوم قبض في حضره وأسفاره فهذا أفضل مما أعطي موسى.
قال له اليهودي فهذا داود عليهالسلام قد لين الله له الحديد فعمل منه الدروع؟
قال له علي عليهالسلام لقد كان كذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله قد أعطي ما هو أفضل من هذا إنه لين الله له الصم الصخور الصلاب وجعلها غارا (١) ولقد غارت الصخرة تحت يده ببيت المقدس لينة حتى صارت كهيئة العجين (٢) وقد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته.
قال له اليهودي هذا داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبل معه لخوفه.
قال له علي عليهالسلام لقد كان كذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله أعطي ما هو أفضل من هذا إنه كان إذا قام إلى الصلاة سمع لصدره وجوفه أريز [ أزيز ] كأريز [ كأزيز ] المرجل على الأثافي من شدة البكاء (٣) وقد آمنه الله عز وجل من عقابه فأراد أن يتخشع لربه ببكائه فيكون إماما لمن اقتدى به ولقد قام صلىاللهعليهوآله عشر سنين على أطراف
__________________
(١) يظهر من هذا الكلام أن الغار أحدث لرسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يكن من قبل.
(٢) وذلك ليلة المعراج.
(٣) الأريز : وهو أن يجيش جوفه ويغلي بالبكاء. والمرجل ـ كمنبر ـ : القدر والأثافي : الأحجار التي يوضع عليها القدر.