فأقبل إليه الجن والنبي صلىاللهعليهوآله ببطن النخل فاعتذروا بأنهم ( ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً ) ولقد أقبل إليه أحد وسبعون ألفا منهم ـ فبايعوه على الصوم والصلاة والزكاة والحج والجهاد ونصح المسلمين واعتذروا بأنهم قالوا ( عَلَى اللهِ شَطَطاً ) وهذا أفضل مما أعطي سليمان فسبحان من سخرها لنبوة محمد صلىاللهعليهوآله بعد أن كانت تتمرد وتزعم أن لله ولدا ولقد شمل مبعثه من الجن والإنس ما لا يحصى.
قال له اليهودي هذا يحيى بن زكريا عليهالسلام يقال إنه أوتي الحكم صبيا والحلم والفهم ـ وإنه كان يبكي من غير ذنب وكان يواصل الصوم؟
قال له علي عليهالسلام لقد كان كذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله أعطي ما هو أفضل من هذا إن يحيى بن زكريا كان في عصر لا أوثان فيه ولا جاهلية ومحمد صلىاللهعليهوآله أوتي الحكم والفهم صبيا بين عبدة الأوثان وحزب الشيطان فلم يرغب لهم في صنم قط ولم ينشط لأعيادهم ولم ير منه كذب قط وكان أمينا صدوقا حليما وكان يواصل الصوم الأسبوع والأقل والأكثر فيقال له في ذلك فيقول إني لست كأحدهم إني أظل عند ربي فيطعمني ويسقيني وكان يبكي صلىاللهعليهوآله حتى تبتل مصلاه خشية من الله عز وجل من غير جرم.
قال له اليهودي فإن هذا عيسى بن مريم يزعمون أنه تكلم ( فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا )؟
قال له علي عليهالسلام لقد كان كذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله سقط من بطن أمه واضعا يده اليسرى على الأرض ورافعا يده اليمنى إلى السماء يحرك شفتيه بالتوحيد وبدا من فيه نور رأى أهل مكة منه قصور بصرى من الشام وما يليها والقصور الحمر من أرض اليمن وما يليها والقصور البيض من إصطخر وما يليها ولقد أضاءت الدنيا ليلة ولد النبي صلىاللهعليهوآله حتى فزعت الجن والإنس والشياطين وقالوا حدث في الأرض حدث ـ ولقد رئي الملائكة ليلة ولد تصعد وتنزل وتسبح وتقدس وتضطرب النجوم وتتساقط علامة لميلاده.
ولقد هم إبليس بالظعن في السماء لما رأى من الأعاجيب في تلك الليلة وكان له مقعد في السماء الثالثة والشياطين يسترقون السمع فلما رأوا العجائب أرادوا أن يسترقوا السمع فإذا هم قد حجبوا من السماوات كلها ـ ورموا بالشهب دلالة (١) لنبوته صلىاللهعليهوآله.
قال له اليهودي فإن عيسى عليهالسلام يزعمون أنه قد أبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله؟
فقال له علي عليهالسلام لقد كان كذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله أعطي ما هو أفضل من ذلك أبرأ ذا العاهة من عاهته وبينما هو جالس صلىاللهعليهوآله إذ سأل عن رجل من أصحابه فقالوا يا رسول الله إنه قد صار من البلاء كهيئة الفرخ الذي لا ريش عليه فأتاه صلىاللهعليهوآله فإذا هو كهيئة الفرخ من شدة البلاء فقال له قد كنت تدعو في صحتك دعاء؟ قال نعم كنت أقول يا رب أيما عقوبة أنت معاقبي بها في الآخرة فاجعلها لي
__________________
(١) في بعض النسخ : « جلالة ».